مقالات عامة

خطط ورفض «إسرائيلي»

علي قباجه

خطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس التي طرحها أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، تأتي في سياق الضغط على المجتمع الدولي للالتفات إلى القضية الفلسطينية، التي تعيش أحلك ظروفها، مع احتلال غاشم يتنكر للوجود الفلسطيني ويسعى لاجتثاثه. الخطة دعت إلى مؤتمر دولي للسلام في منتصف العام الجاري، لوضع آلية محددة وواضحة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، كما طالبت بتدخل متعدد الأطراف لحل الصراع وعدم السماح لأمريكا بالانفراد به.
وكانت نبرة عباس أشبه بالاستعطاف، مع أطروحاته التي أظهرت أن الفلسطينيين هم طلاب سلام، وقادرون على التعايش مع الآخر، ولكن المعطل لذلك هم «الإسرائيليون». خطاب يشبه ما سبقه من خطابات من حيث المضمون، ولكن الجديد هذه المرة هو دعوته لمؤتمر السلام.
ومع الكثير من التحفظات على خطابه وما جاء به من بنود، إلا أن إسماع صوت القضية للعالم شيء جيد، ولكن لا بد أن يكون المتن أيضاً قوياً وصلباً. وللعودة للمنطق، فإن المؤتمر الذي دعا إليه ربما يدخل في إطار الدعاية الإعلامية لإبراز المعاناة، وجعلها حاضرة في أذهان المجتمع الدولي كقضية محورية بحاجة إلى حلول وعلاج، ولكن ربما حتى وإن قبل المجتمع برعاية هذا المؤتمر، فهو غير قادر على إجبار الاحتلال الالتزام بقراراته، كما أن السلطة الفلسطينية لا تملك القوة للضغط على «إسرائيل»، لذا فالفائدة المرجوة منه غير مجدية كثيراً ولا تتعدى كونها إضاءة وإحاطة حول قضية محقة.
مؤتمرات كثيرة عقدت، وخطط عدة وضعت لعقد اجتماعات دولية لصوغ حل نهائي، ولكن جميعها ذهبت أدراج الرياح، ف«إسرائيل» لا يمكن لها أن تتنازل عما حققته من إنجازات، فهي وعلى مدار 50 عاماً حولت الضفة الغربية إلى بقعة مستوطنات، وضمت كامل القدس إليها، وبالتالي فإن أي قبول بأي حل يعني أن تتنازل عن كل هذا، وبالتالي فإنها لن تقبل لا بحلول مرحلية أو نهائية. ولو كانت معنية بأي تسوية لما سارت من البدء في هذا الطريق الاستعماري، ولهذا فهي ترفض بشكل قاطع المشاركة بكل ما يمت للسلام بصلة.
ويأتي في الأفق القريب ما يسمى «صفقة قرن» أمريكية لصياغة حل على المقاس «الإسرائيلي»، وحتى قبل معرفة تفاصيلها والتي من المؤكد ستكون مجحفة، فإنه يمكن التنبؤ بأن حكومة الاحتلال لن تقبل بها، لأنها قد تمنح الفلسطينيين بضع ما يطالبون به، لذا فالطرح الفلسطيني لا بد أن يمتاز بالمنطقية والفاعلية، والسير نحو خطوات مدروسة يمكن أن تحقق شيئاً.

Aliqabajah@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى