خلاف لا يفسد الود الأمريكي – «الإسرائيلي»
عاصم عبد الخالق
خلال الأسبوع الماضي، كانت واشنطن على موعد مع العرس السنوي؛ للاحتفاء بعلاقاتها التاريخية الخاصة والاستثنائية مع حليفتها الأوثق «إسرائيل». على مدى ثلاثة أيام انعقدت جلسات مؤتمر «ايباك»؛ وهي جماعة الضغط الشهيرة، أو اللوبي «الإسرائيلي»- اليهودي القوي والمؤثر، الذي يحج إليه السياسيون الأمريكيون كل عام، يتبارون في إبداء تأييدهم ل«إسرائيل»، والالتزام المطلق والأبدي بالتفاني في حبها.
المشاركة في المؤتمر الأخير، كانت كثيفة كالعادة يشهد على هذا حضور أكثر من 18 ألف مدعو يتقدمهم ما يزيد على 1800 سياسي وناشط، مع أكثر من ثلثي أعضاء الكونجرس من الحزبين. وكما هي العادة، يحرص رئيس الوزراء «الإسرائيلي» على المشاركة، وإلقاء الكلمة الرئيسية. وتعد زيارته لواشنطن فرصة للقاء الرئيس الأمريكي. وقد فعل هذا بنيامين نتنياهو، الذي التقى بالفعل مع الرئيس ترامب.
التوافق والانسجام بين الرجلين لا يحتاج إلى مزيد من الشرح. ومظاهره المعلنة والخفية تغني عن الكلام.
غير أن هذا الدفء الموصول في العلاقات بين البلدين والرجلين لا يحجب عن العين الخبيرة حقيقة وجود خلافات بينهما، قد لا تطفو على السطح؛ لكنها تظل قائمة؛ وهي تتركز في نقطتين تتعلقان بإيران تحديداًَ؛ الأولى يعود تاريخها إلى نوفمبر/تشرين الثاني الماضي؛ عندما وقعت أمريكا وروسيا والأردن اتفاق منطقة خفض التصعيد في جنوب سوريا. وقتها تجاهلت أمريكا التحفظات والاعتراضات «الإسرائيلية»، ووقعت الاتفاق، الذي أصاب الحكومة «الإسرائيلية» بالصدمة والدهشة. وأعرب المسؤولون «الإسرائيليون» عن هذا صراحة في حينها.
التحفظ «الإسرائيلي» الأساسي يتعلق بعرض هذه المنطقة، الذي يبلغ بين أبعد نقطتين 13 ميلاً، ويضيق ليصل إلى 3,5 ميل في بعض المناطق. بينما كانت «إسرائيل» تريد عرضاً لا يقل عن 25 ميلاً. مبعث القلق «الإسرائيلي» هنا هو أن الاتفاق يحظر تواجد قوات غير سورية في المنطقة، وبتعبير آخر قوات إيرانية. وتقليص مساحتها يعني أن قوات إيران أو الميليشيات التابعة لها ستكون قريبة من حدودها، وهذا غير مقبول بالنسبة لها.
المشكلة التي تؤرق «إسرائيل» أيضاً، أن واشنطن غير متحمسة، وربما غير قادرة على تلبية مطلبها بزيادة عمق هذه المنطقة، لا سيما في ظل علاقتها المتوترة مع روسيا.
الوجود الإيراني في سوريا ككل يثير أيضاً خلافاً حقيقياً بين أمريكا و«إسرائيل»؛ الأولى تعلن في خطابها الرسمي، أن نشر قواتها في سوريا يستهدف «داعش» في الأساس، وليس إيران. في المقابل تعد «إسرائيل» أن الوجود العسكري الإيراني في سوريا يمثل تهديداً وجودياًَ لها لا يمكن التسامح بشأنه. ومن الواضح أن واشنطن لا تشاركها هذا الرأي، رغم رفضها لأي تواجد إيراني.
الخلاف الآخر، الذي يعكر صفو العلاقة، وإن لم يفسد ودها، يتعلق ببرنامج الصواريخ الإيرانية. تتفهم «إسرائيل» على مضض الظروف التي تمنع ترامب من تنفيذ وعده الانتخابي بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران. وربما ينتظر ترامب، وبالتبعية نتنياهو، فرصة مواتية؛ لتحقيق هذه الرغبة المشتركة. أما الذي لا يتفهمه نتنياهو فهو الموقف الأمريكي الغامض من مسألة الصواريخ الإيرانية. وقد شرحت مجلة «ناشيونال انترست» الأمريكية هذه النقطة الدقيقة بالتفصيل. ومن بين ما ذكرت أشارت إلى معلومة مهمة بثتها وكالة «رويترز» مؤخراً عن توجيه صادر من وزير الخارجية الأمريكي لسفراء بلاده يطلب منهم التأكيد لنظرائهم في العالم على أهمية العمل؛ لمواجهة التجارب الإيرانية للصواريخ طويلة المدى.
العبارة الأخيرة هي مربط الفرس ومكمن القلق «الإسرائيلي». وكما أوضحت المجلة أنها ظهرت للمرة الأولى في بيان لترامب حول إيران في يناير/كانون الثاني الماضي. ما يثير قلق وخوف «إسرائيل» هنا هو أن يكون الرفض الأمريكي قاصراً على امتلاك إيران لصواريخ طويلة المدى، وليس لكل أنواع الصواريخ؛ ذلك أن لدى إيران صواريخ متوسطة المدى تستطيع أن تضرب أهدافاً على بعد ألفي كلم؛ أي تصل إلى «إسرائيل»، التي لن تستفيد شيئاً من حظر الصواريخ طويلة المدى ما دام الخطر سيظل قائماً.
assemka15@gmail.com