«داعش» إلى إفريقيا
يونس السيد
تتحدث التقارير عن مخاوف من عودة آلاف المقاتلين من تنظيم «داعش» إلى إفريقيا؛ بعد هزيمته في العراق وسوريا، وسط دعوات للتعامل بقوة مع عودتهم، ما يقتضي رفع التنسيق، وتكثيف التعاون الأمني بين دول القارة السمراء؛ لمواجهة إمكانية تدفق هؤلاء؛ ودرء المخاطر الجدية، التي باتت تهدد الأمن والاستقرار الوطني والإقليمي.
التحذير الذي أطلقه الجزائري إسماعيل شرقي مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي، خلال منتدى حول مكافحة الإرهاب عُقِدَ في وهران، حول إمكانية عودة ستة آلاف مقاتل إفريقي قاتلوا في صفوف التنظيم من بين 30 ألفاً من المقاتلين الأجانب، يجب أن يؤخذ بجدية، بعدما لم يعد لهؤلاء موطئ قدم في سوريا والعراق، وبعد التسريبات، التي تحدثت عن صفقة سرية جرت في الرقة؛ أفضت إلى انتقال المئات من هؤلاء إلى سيناء. هذه المخاوف لا تقتصر على إفريقيا، وإنما تشمل أوروبا أيضاً، وأماكن كثيرة في العالم جاء منها مقاتلو التنظيم الإرهابي، مع وجود احتمالات كبرى لعودة المقاتلين إلى الأماكن التي جاؤوا منها؛ لكن هذه المخاوف تزداد في إفريقيا؛ نظراً للتعاون الأمني والاستخبارات الهشة بين دول القارة، ووجود حواضن لهؤلاء المقاتلين، خصوصاً في ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء، وهي الخاصرة الرخوة للقارة السمراء؛ حيث لا توجد سيطرة كافية على الحدود، وتعاني مؤسسات الدول هناك ضعفاً، وعدم قدرة على التصدي للنشاطات الإجرامية والإرهابية.
تفرض هذه الاحتمالات، بطبيعة الحال، مزيداً من الجاهزية والاستعداد، وتكثيفاً للتعاون والتنسيق، وتبادل المعلومات بين دول القارة، بقدر ما تفرض أيضاً مزيداً من التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، ومواصلة العمل على ملاحقة خلاياه النائمة، وتجفيف مصادر تمويله، بمواكبة إصلاحات واسعة تضع حداً للسياسات العنصرية والتمييزية تجاه المهاجرين والمجتمعات الفقيرة؛ لمنع تحويلها إلى حواضن للإرهاب يمكن أن يتسرب من خلالها «داعش» أو ما هو أخطر منه طالما لم يتم النظر في معالجة أسباب هذه الظاهرة من جذورها. وقبل ذلك وبعده الكف من جانب بعض الدول النافذة عن توظيف تنظيمات إرهابية من نوع «داعش» وغيره في خدمة أهدافها ومصالحها؛ لإيجاد حالات من الفوضى وعدم الاستقرار، أو السعي لإطاحة أنظمة بعينها؛ ذلك أن الارتدادات والتداعيات الناجمة عن مثل هذا التوظيف أخطر بكثير من تحقيق تلك المصالح على الدول النافذة نفسها، كما أثبتت تجربة «داعش» في كثير من المحطات.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل فعلاً انتهى «داعش» في سوريا والعراق، رغم طرده من معاقله الرئيسية فيهما، وإعلان الانتصار أو خلوهما من إرهابييه، بينما توجد شكوك حول قدرة هذا التنظيم «الهمايوني» على الظهور مجدداً، بين الفينة والأخرى، والتسبب بمشكلات خطرة تستوجب الاستمرار في ملاحقة فلوله داخل هذين البلدين قبل الحديث عن انتقاله إلى إفريقيا أو إلى أي مكان آخر؟.
younis898@yahoo.com