دعم المكتبات المدرسية
ابن الديرة
بالتوافق مع انطلاق فعاليات «الشهر الوطني للقراءة»، التي تنطلق في الإمارات خلال شهر مارس/آذار من كل عام، التي تعد دعامة أساسية من دعامات «القانون الوطني للقراءة»، الذي خرج إلى النور عام 2016، جاء إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مبادرة «دعم المكتبات المدرسية» بمليون كتاب؛ لتحقيق أعلى نتائج ممكنة؛ عبر فعاليات الشهر، وعلى امتداد العام كله، وكل الأعوام.
و«القانون الوطني للقراءة» استبشر الجميع به خيراً؛ لأنه يضع الإطار القانوني والخطوات التنفيذية؛ لتحويل القراءة إلى سلوك حضاري شعبي، يميز شعب الإمارات العربية المتحدة عن بقية شعوب المنطقة على الأقل، بما يلبي الخطط الطموحة؛ للبناء والتطوير والتحول إلى مجتمع المعرفة كخطوة ضرورية لا بد أن تسبق أي إنجاز نطمح إلى تحقيقه.
وبمنطق القائد الحريص على سمو مبادراته وتحويلها من أطر نظرية رائعة، إلى ممارسات عملية وسلوك يومي وثقافة عامة أكثر روعة، جاء اهتمام سموه، بتفعيل «شهر القراءة» لدى الطلبة، وفي حجراتهم المفضلة «المكتبات المدرسية»، التي كنا نرتادها أطفالاً؛ بحثاً عن مجلات لا نستطيع شراءها، وقصص تمتع خيالنا النشط بحب الشجاعة والكرم والوالدين والأقارب، واحترام الكبار والعطف على الصغار وغيرها.
ولعل مجتمعنا بحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى تنفيذ العديد من المبادرات، التي تُفعّل الأنشطة المصاحبة ل«شهر القراءة»، على مستوى الأفراد والمؤسسات، والجميع مطالب بأن يُعمِل العقل قليلاً، ويفكر كيف يمكن أن تتحول القراءة إلى عادة مستحبة، والكتاب إلى خير رفيق وجليس، والاستزادة من العلوم والمعارف وتغذية العقول أهم بكثير وأجدى من تغذية البطون بما لا يقاس.
إن ترسيخ قيمة القراءة في الأجيال الجديدة، وترقية الوعي المجتمعي بالثقافة والاطلاع، ستقود حتماً إلى تكوين مجتمع متسامح، وأسر متماسكة، وإعداد أجيال علمية تحقق القفزات التنموية الطموحة والمنشودة، وتضمن تفوق الدولة، وتعزيز تنافسيتها على المستوى العالمي لخير الإنسانية ومصلحة شعوبها.
إن نجاح فعاليات «شهر القراءة» ليست هي المقياس، فقد تكون لدى البعض مظاهر احتفالية مؤقتة وتنتهي؛ لكن الحقيقة أنها غير ذلك على الإطلاق، والنجاح الحقيقي نقرأه في كتاب لا يفارق جيب ويد الطبيب والمعلم والمهندس ومن شابه، كل يتابع مستجدات العلوم في مجال اختصاصه، والاختراعات والاكتشافات الجديدة، والنجاح الأكبر والتفوق يكون عندما يكون كل طالب صديقاً للكتاب ولكل مجال معرفي، تنويري، ولا يمزق الكتاب بعد انتهاء امتحانات المادة في ختام العام الدراسي.
مليون كتاب لدعم المكتبات المدرسية تم اختيارها بعناية وبخبرة المختصين ليست رقماً هيناً ولا تستهدف علوها فوق الرفوف، إنها تطمح لتحويل القراءة إلى ثقافة عامة وسلوك حضاري يومي، والمادة المعلوماتية إلى أسئلة تحفز على البحث والاستقراء والاستنتاج القائم على فرضيات علمية صحيحة، فالوعي المجتمعي الحضاري بحاجة إلى معرفة وثقافة وقراءة واطلاع، وهو بالضبط المجتمع الذي يمكنه أن يكون متسامحاً، وأسرة متماسكة، يبحث الجميع عن سعادتهم وأمنهم والآخرين.
ebnaldeera@gmail.com