مقالات عامة

ذكرى الثورة الليبية

فيصل عابدون

احتفل الليبيون بالذكرى السابعة لثورتهم التي أنهت حكماً استبدادياً استمر سبع سنوات، لكن الانقسامات ما زالت مستمرة والتحديات ماثلة والأزمة مستعصية على الحلول الداخلية والخارجية، وتداعياتها تتراكم باستمرار.
لقد طالت فكرة الاحتفال نفسها انقسامات عميقة، بين مؤيدين يعتبرون أن الاحتفال حق من حقوق الشعب الذي حقق النصر على الدكتاتورية والاستبداد، وسجّل تاريخاً من البطولة جدير بإحيائه، وتذكير الأجيال المختلفة به، بغض النظر عما آلت إليه الأمور بعد ذلك، أو ما يمكن أن تتمخض عنه حالة الفوضى والغموض الحالية، وبين رافضين ينظرون إلى واقع اقتصادي وسياسي وأمني كئيب، تسود فيه عمليات القتل وسفك الدماء، والتهجير والأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
ولكن على الرغم من الانقسام حول هذه الفكرة المركزية؛ إلا أن الاحتفال يظل مناسبة لاستعادة الثقة والإلهام، وهي بين أشياء أخرى كثيرة، تقدم حوافز للأجيال وتبيّن نقاط الضعف والقوة، ومراجعة الأخطاء والمسارات والتقدم نحو استكمال شروط النصر.
وهو أيضاً حق ومكافأة يستحقها شعب انتصرت إرادته على طغيان الدكتاتورية، ونجح في عبور تحدي الوقوع في أحضان جماعات العنف والإرهاب، ومخططاتها المدمرة.
فقد سعى تنظيم «داعش» إلى تمكين قواعده في الدولة الليبية، وتوسيع نطاقات الفوضى وعدم الاستقرار والاقتتال الداخلي، ضمن خططه الهادفة لتحويل ليبيا إلى قاعدة كبرى للتنظيم المتطرف، لكن الليبيين فطنوا بسرعة إلى حجم المخاطر التي تتهدد بلادهم، ونجحوا في هزيمة التنظيم وتقطيع أوصاله، قبل أن يمدد جذوره إلى عمق الأرض الليبية. كما تحكموا أيضاً في مستوى الخلافات السياسية والعسكرية، وتفادوا الوقوع في حروب أهلية مدمرة تقضي على الحرث والنسل، وتحول البلاد إلى محرقة للموت والدمار.
كما أن التدخلات الخارجية تحت مظلة احتواء موجات الهجرة غير الشرعية، ألقت بظلالها على الوضع الداخلي، وفاقمت خلافات الأطراف ومثّلت تحدياً ضمن تحديات عديدة ما زالت تعرقل التوافق الوطني.
ويقول رئيس حكومة الوفاق الوطني المؤقتة فايز السراج، في كلمة بمناسبة ذكرى الثورة: «ما يعنينا اليوم هو أن تجتاز بلادنا الأزمة الراهنة، التي نرى أن المخرج الوحيد منها، يكمن في المصالحة الوطنية الشاملة، التي تنهي حالة الانقسام وتؤكد قيم التسامح والاحتكام للشعب».
ودعت بعثة الأمم المتحدة في كلمتها الليبيين إلى تقديم المصلحة الوطنية العليا فوق المصالح الذاتية، وجددت حرصها على العمل مع جميع الفرقاء لتحقيق المصالحة وإنجاح العملية السياسية.
ومع كل انقساماتهم وخلافاتهم وآمالهم المؤجلة وأحلامهم المحطمة، ينتظر الليبيون أن تسهم الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة العام الحالي 2018، في وضع بلادهم على بداية المسار الصحيح؛ لإنهاء الأزمة السياسية والأمنية وتحقيق الانسجام والوفاق بين الفرقاء، وصولاً إلى شواطئ الاستقرار والتنمية.

Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى