مقالات عامة

رهان المصالحة الفاشل

علي قباجه

كان واضحاً منذ بدء مداولات المصالحة مؤخراً واجتماع الفرقاء الفلسطينيين على طاولة المحادثات أنها لن تنجب إلا فشلاً، ورغم إصرار الوسيط المصري على إنجاحها وتدخله بكل ثقله، ودخول رعاة لمراقبة التنفيذ على الأرض، إلا أن رياح الخلافات كانت أقوى من كل شيء، وعادت سهام الانقسام إلى سيرتها الأولى، بتراشق الاتهامات، وتحميل كل طرف للآخر بتعطيل الاتفاق، والفشل في تحقيق الحد الأدنى من متطلبات الناس في غزة، التي وصلت حد الانهيار.
حكومة الوفاق تطالب بتمكين كامل، في حين أن رؤيتها غير واضحة في استيعاب 40 ألف موظف عينوا بعد 2007 أي بعد الانقسام، كما زادت من قيمة الضرائب على الغزاويين، وهذا ما يزيد من الاحتقان، ويضع الزيت على النار، ويساهم في تعميق الحصار على القطاع بشكل أو بآخر، بينما الأولى وضع خطط واعية تساهم في إعفاء غزة من دفع أي أموال في ظل الفقر والجوع العاصف بها والتي وصلت نسبتهما أكثر من 90% من السكان.
أما على صعيد حركة «حماس»، فهي أيضاً تتحمل جزءاً مما يحدث، بدءاً بقبولها دخول العملية السياسية برمتها وهي لا تملك أدوات الإدارة أو التغيير أو المناورة في ظل الاحتلال، وانتهاء بتمسكها بفتات سلطة لا تملك سلطة، ومقاتلتها لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية صاغ فصولها اتفاق «أوسلو».
ما هو موجود الآن على الأرض يخالف الأماني بتكاتف فلسطيني، فهذا لن يكون على الأقل في المرحلة الراهنة، فهناك حكومة تدير المناطق الفلسطينية تحت إشراف «إسرائيلي» وهذا باعتراف صائب عريقات. وبرنامجان مختلفان متناقضان لفصيلين فلسطينيين «فتح» و«حماس» في كيفية إدارة الصراع، فالأولى تؤمن بالحل السلمي، والأخرى تؤمن بالمقاومة المسلحة كطريقة للتحرير، وما بين هذا وذاك ألف فرسخ من التفصيلات التي تبعدهم وتجعل من غير الممكن الجمع بين رؤيتهما.
الفلسطينيون يحتاجون في الوقت الراهن إلى تجاوز هذه المصالحات التي من الممكن وصفها بالعبثية، والرهان على أنفسهم فقط، من خلال إنشاء لجنة مدنية تدير شؤونهم الحياتية فقط، والتحلل من السلطة و«أوسلو» وإلغائهما، لأن الثمن المدفوع كان باهظاً، من خلال رهن الشعب كله في يد الاحتلال أمنياً واقتصادياً. وأما على صعيد إدارة الصراع، فهذا يترك إلى الفصائل، فإما أن تتم إعادة بناء منظمة التحرير على أساس وطني جامع، وإما أن تقوم الفصائل بإنشاء غرفة عمليات لمقاومة الاحتلال وعزل كل خارج عن السرب.

aliqabajah@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى