غير مصنفة

«روبوتات» لإنقاذ الأرواح

اليكس راميرز سيرانو*

الإنقاذ البحري الذي جرى في الآونة الأخيرة لسبّاحيْن أسترالييْن، باستخدام عربة جوية غير مأهولة، ما هو إلاّ بداية ثورة الروبوتات.
في 18 يناير/ كانون الثاني، قاد عامل إنقاذ أسترالي دفة طائرة من دون طيار، فوق المحيط المضطرب قبالة الساحل القصيّ لولاية «جنوب ويلز الجديدة» لإنقاذ مراهقيْن كانا في محنة. وبقدر ما كانت مثيرة مشاهدة طائرة ضئيلة من دون طيار، وهي تسقط جهاز تعويم، لسبّاحيْن يصارعان الأمواج، كان الإنقاذ سهلاً نسبياً، وذلك باستخدام تكنولوجيا روبوتية في بيئة مثالية مفتوحة على مصراعيها.
تُستخدَم الطائرات من دون طيار، والعربات غير المأهولة في حالات البحث والإنقاذ في جميع أنحاء العالم منذ أكثر من عقد من الزمن. وهي تبحث عن الضحايا داخل المباني المنهارة، وتجمع البيانات في الكوارث، وتكتشف المواد والأوضاع الخطيرة وتوزع مواد الإسعافات الأولية.
ولكن الأنظمة الروبوتية غير المأهولة، التي نستخدمها اليوم، تعمل في ظل ظروف قاسية: وهي في حاجة إلى إنسان يوجه الجهاز عن بعد، أو إلى إشارة قوية لتحديد المواقع (جي بي اس)، وفضاءات مفتوحة تسمح بمناورات القيادة الآلية.
ولا تحتاج هذه الروبوتات إلى أن تكون أصغر، وأقوى، ومقاومة للحرارة أو الصدمات، وتحتوي على مزيد من أجهزة الاستشعار أو يكون لها واجهات تطبيق أفضل للمستخدِمين. ولكن التحدي الحقيقي الذي يواجه الباحثين في علم الروبوتات هو تطوير روبوتات إنقاذ غير مأهولة قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة وتملك القدرة على العمل دون إشراف في الأماكن المحصورة والفوضوية.
وفي المستقبل، ستكون طائرات الإنقاذ من دون طيار، في صدارة المشهد، باحثة تحت أنقاض المباني المنهارة، أو تبحث عن حطام الطائرات في الغابات الكثيفة، أو تنقب عن الناجين الذين قد يستغرق الوصول إليهم بخلاف ذلك أياماً.
ويكمن التحدي الذي يواجه المتخصصين في تصميم الروبوتات وصنعها، في إنشاء مركبات غير مأهولة قادرة على التكيف مع حالات غير متوقعة وباستخدام معلومات مكتسبة سابقاً، وموارد متاحة محدودة.
وباعتباري أستاذاً في كلية سوليتش للهندسة في جامعة كالجاري، والرئيس التنفيذي لشركة «4 فرونت روبوتيكس»، أقوم بتطوير تكنولوجيات وأنظمة لتمكين وتسهيل استخدام، ونشر، وتطوير تصميم روبوتات فعالة من حيث التكلفة، قادرة على التكيف مع الأوضاع المتغيرة، وسريعة الاستجابة للكوارث.
ومن المحاور الرئيسية التي تركز عليها أبحاثنا، تطوير مركبات غير مأهولة قادرة على الاستجابة سريعاً للكوارث في المدن، مثل تحديد مكان الضحايا بسرعة في المباني المنهارة، بعد وقوع الزلازل.
والعربات غير المأهولة، التي تعمل على البرّ وتحت الماء وفي الجوّ، وتستطيع إنقاذ الأرواح، والاستجابة للكوارث بسرعة أكبر، واحتواء حالات الطوارئ أسرع من التقنيات والأدوات التقليدية.
في أغسطس/ آب 2017، انهار مبنىً من خمسة طوابق في مدينة مومباي في الهند، فأودى بحياة 24 شخصاً. وقد سحب عمال الإنقاذ 27 شخصاً من بين أنقاض المبنى.
وقد استخدمت الروبوتات للمرة الأولى في البحث والإنقاذ بعد هجمات مركز التجارة العالمي عام 2001.. وقد حققنا تقدماً كبيراً في مجال الروبوتات في السنوات الخمس عشرة الماضية. ويمكن الآن تجهيز الطائرات من دون طيار بأنظمة الطيار الآلي، وأنظمة الرؤية التي تتعرف على الناس. وتستطيع أن تحدد الأوضاع الخطيرة مثل وجود غازات قابلة للانفجار، وتحمل أجهزة استشعار تلتقط السمات الهندسية ومستويات الرطوبة. ويمكنها التعرف على الأشياء المدفونة بين الأنقاض.
إننا في حاجة إلى روبوتات تستجيب للكوارث، قادرة على التحويم مثل طائرات الهليكوبتر، والانتقال بسرعة إلى الطيران بسرعة عالية، واختراق البيئات الصعبة. وهذه، بالإضافة إلى روبوتات البحث والإنقاذ ذات المواصفات البشرية، التي تستخدم الأدوات (مثل المثاقب الكهربائية، والرشاشات الهيدروليكية، والمقصات، ومعاول الحفر)، يجري تطويرها حالياً، وستكون عاملاً حاسماً يغيّر أصول اللعبة.
وسوف تساعد المستجيبين والضحايا، وتقلل التكاليف بطرق لم نكتشفها بعدُ.

*أستاذ وباحث في الروبوتات والعربات غير المأهولة، في جامعة كالجاري (الكندية). موقع: «ذي كنفرسيشن»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى