سان سو وجائزة الضمير
صادق ناشر
قبل أيام أعلنت منظمة العفو الدولية سحب جائزة «الضمير»، الخاصة في مجال حقوق الإنسان، من رئيسة وزراء ميانمار أونج سان سو تشي، المتهمة بانتهاك حقوق الإنسان في بلادها، خاصة حيال «الروهينجا»، ووجهت لها المنظمة تهمة تكريس الانتهاكات من خلال التقاعس عن التحدث علناً عن العنف، ضد أقلية الروهينجا المسلمة.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تسحب من سان سو جائزة دولية، بل جرى تجريدها من أكثر من وسام وجائزة دولية خلال الفترة القليلة الماضية، لأسباب تتعلق بتعاملها اللا إنساني مع أزمة النزوح الجماعي للروهينجا، التي بدأت بشكل متزايد في شهر أغسطس/آب 2017، حتى أن الجامعة البريطانية التي درست فيها، وهي «أكسفورد» أزالت لوحة تمثل الزعيمة البورمية، فيما انضم إليها المجلس البلدي لأوكسفورد، الذي قرر هو الآخر سحب أعلى وسام تمنحه المدينة البريطانية من سان سو بسبب «عدم تحركها» في إدارة أزمة أقلية الروهينجا المسلمة.
أونج سان سو تشي، التي حازت جائزة نوبل للسلام عندما كانت في المعارضة وتقود حملات في مختلف دول العالم ضد الحكومات السابقة، ضربت بتعهداتها عرض الحائط، بل إنها تحولت بعد وصولها إلى السلطة من مدافع عن حقوق الإنسان، إلى أداة من أدوات القمع والتجبر ضد الروهينجا، الذين تحولت قضيتهم مع مرور الزمن إلى مأساة منسية، فالجائزة لم تحل بينها والبطش الذي تمارسه حكومتها ضد أقليات الروهينجا، لدرجة أن عمليات القتل لم تتوقف على الرغم من المناشدات الدولية بالتوقف عنها.
أطلقت سان سو تشي يد قوات الجيش لشن حملة عسكرية رداً على ما تصفه بهجمات لمسلحين من الروهينجا على قوات الأمن، وهو الأمر الذي أدى إلى فرار ما يقرب من مليون شخص عبر الحدود الغربية لميانمار باتجاه بنجلادش المجاورة، وفق إحصاءات الأمم المتحدة، التي لم تتمكن القرارات التي اتخذتها من منع دولة ميانمار من الاستمرار في معاملة الروهينجا بأسلوب أكثر قسوة، عبر وسائل مختلفة، من بينها إحراق المنازل والقتل بدم بارد، فضلاً عن انخراط الجيش في حملات قتل واغتصاب وحرق بنيّة «الإبادة الجماعية».
عملية التهجير القسري، التي يقوم بها جيش ميانمار ضد الأقلية المسلمة من الروهينجا بضوء أخضر من الحكومة، تعد جزءاً من سياسة التطهير الديني، التي تتبع هناك، والتي تسببت في تشريد الآلاف من الأبرياء، ولا تزال هذه العملية قائمة حتى اليوم ولم تتوقف.
مع الوقت تحولت سياسة الاضطهاد ضد الروهينجا إلى مأساة يخشى أن يبدأ العالم في نسيانها والتعاطي معها من منظور روتيني بحت، لا يخلو من إدانات شكلية، وحتى في تجريد رئيسة الوزراء من جائزة «الضمير» من قبل منظمة العفو الدولية، فإن ضمير العالم نفسه لا يزال غائباً وفي حاجة إلى من يوقظه.
sadeqnasher8@gmail.com