قضايا ودراسات

سخريات حل المشكلة بكارثة

عبداللطيف الزبيدي

اقتربت ساعة الاستفتاء الكرديّ. على المتنبّي أن يغفر للقلم مخالفة قوله: «ومن البليّة عذل من لا يرعوي.. عن غيّه وخطاب من لا يفهمُ». النصيحة قد تنفع. المسؤول الكرديّ يستند إلى «إسرائيل» التي قال قائلها: «كل من انضمّ إلينا خسر»، والصهاينة يعتمدون على واشنطن التي ألقت بكل أصدقائها إلى حيث ألقت. غزل أبي نواس مناسب: «وشعرك مثل ثوبك مثل حظي.. سوادٌ في سوادٍ في سوادِ».
«إسرائيل» لم تكن سنداً لأحد، إلاّ وجرّت عليه الخراب. من يعوّل عليها، كمن يرى شفاء دائه في الوباء. هي نفسها لا أمل لها في غد، كأنها سمعت قول الطغرائيّ: «ترجو البقاء بدار لا ثبات لها.. فهل سمعت بظلّ غير منتقلِ؟»، وقبله المعرّي: «وما تريد بدار لست مالكها.. تقيم فيها قليلاً ثمّ تنطلقُ؟» على الإخوة الأكراد ألاّ يحاولوا استغلال الضعف المؤقت الذي يعانيه العرب. حتى الساذج سياسيّاً يدرك أن قيام دولة كرديّة تكون نواة لدولة كردستان الكبرى، يعني اندلاع حرب إقليميّة قد تؤدي إلى حرب عالميّة لن يخرج منها أحد سالماً. أقصى أمل الدولة الكرديّة المستقلة، سيكون ميلاد دويلة مآلها الاختناق. إذا كان الأكراد يتعلقون بشعرة الغاصب وحماته، فبئس الطالب والمطلوب.
هنا مسألة ذات وجهين، أحدهما صحيح تماماً، والآخر غلط في غلط. على الأكراد العراقيين، نخص المصرّين على الانفصال، أن يحذروا تكرار الكارثة التي ابتلي بها العراق جرّاء حماقة المستنجدين بواشنطن لغزو بلدهم. طحنوا ترابهم السياديّ لإسقاط النظام، ودمّروا الأرض وأبادوا مئات الألوف. أمّا المليارات المنهوبة، والآثار المسلوبة، فبقشيش. صار العراقيون يترحّمون على العهد السابق، بل على هولاكو. تأمّلوا كيف «أنقذ» الغرب والصهاينة سوريا وليبيا! قد يجد الأكراد غداً أنفسهم في وضع أسوأ ألف مرّة ممّا هم فيه وعليه. الوجه الآخر مختلف؛ إذ لا تعني النتائج الكارثيّة أن أنظمة طبائع الاستبداد والفساد جديرة بقيادة البلدان، وبالتالي يجب تركها تعيث في الأرض فساداً، حتى لا يحدث ما هو أدهى. ظلم العقود الماضية كان شاملاً، مع العلم أن الأكراد ضيموا وظلموا كثيراً، كغيرهم من جل الأقليّات والإثنيات والطوائف في العالم العربيّ. يجب الاعتراف بأن النظام العربيّ كان في أغلب الأحيان سيّئاً في فهم القوميّة والعروبة. ما العيب في تمتع الناس باختلاف الجذور، لولا مرض بعض النفوس، ولكن ضمن الوحدة الجغرافية السياديّة. الرومانش خمسون ألفاً في سويسرا، لهم لغتهم ومدارسهم ووسائط إعلامهم. أفلا تعقلون يا عرب ويا أكراد؟ لزوم ما يلزم: النتيجة العقلانيّة: ليس من العقل حل مشكلة بكارثة.

abuzzabaed@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى