«سرور» في «الخارجية»
ابن الديرة
يعبر العنوان، حقيقة ومجازاً عن مجريات ومستخلصات الجلسة الحوارية المهمة التي عقدها سمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان ضمن احتفال وزارة الخارجية والتعاون الدولي باليوم الوطني السابع والأربعين. سرور الذي حاضر في «الخارجية» أشاع أجواء من «سرور» كان واضحاً في عيون ووجوه الحاضرين، وفيهم وزراء وسفراء ومثقفون وأكاديميون وإعلاميون، وفيهم، وهذا مهم، نخبة كبيرة من الشباب. أدار الجلسة الحوارية باقتدار العارف زكي نسيبة وزير دولة، وتطرق سمو الشيخ سرور إلى محاور متعددة في صميم نشاط دولة الإمارات والقائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وكان كلام الشيخ سرور كلام الشاهد والقريب من صانع القرار أحيانا، وكان كلام صانع القرار أحيانا كثيرة، وكل ذلك موثق بالتواريخ والأسماء والصور، ما أكسب الجلسة أبعادها المهمة.
الشكر أولاً لوزارة الخارجية على إقامة هذه الفعالية التي لا يمكن أن تعبر سريعاً من دون تأملها والوقوف عندها ملياً. هذا احتفاء نوعي بيومنا الوطني، خصوصاً حين يستضاف سمو الشيخ سرور، أو أن يكرم سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي المتقاعدين الذين خدموا الوزارة والمجتمع والوطن، في الأسبوع نفسه الذي حققت فيه وزارة الخارجية والتعاون الدولي برئاسة مهندس سياستنا الخارجية سمو الشيخ عبدالله بن زايد «فتحاً مبيناً» حين تزامن وصول جواز دولة الإمارات القوي المركز الأول على مستوى العالم.
الشيخ سرور عبر في خلال الجلسة عن جيل بأكمله، جيل الرعيل الأول الذي اشتغل مع القائد المؤسس، طيب الله ثراه، ومع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، منذ البدايات المبكرة، يوم الدنيا غير الدنيا والناس غير الناس، جيل الظروف المشاكسة والتعب والإصرار، والأكيد أن ما تطرق إليه الشيخ سرور من سيرة زايد الخير، طيب الله ثراه، ومعظمه يقال للمرة الأولى، كان محفزاً للحضور خصوصاً فئة الشباب نحو المزيد من العمل والعطاء والبذل في سبيل الوطن.
استغرقت الجلسة الحوارية أكثر من 90 دقيقة، لكنها كانت ممتعة، وكان الجمهور الحاضر متشوقاً إلى مزيد إنصات، حيث دار الحديث في فلك أحداث كبرى مرت بمنطقتنا، بل الأصح القول أحداث هزت منطقتنا وأدت إلى مرحلة التحولات الكبرى التي ما زلنا نشهد آثارها أو نحسها في كل مناحي حياتنا. تحدث الشيخ سرور عن البدايات أو البواكير الأولى لحكومة أبوظبي المحلية والحكومة الاتحادية، بدءاً من توليه دائرة العدل في أبوظبي وفيها قاض واحد فقط لا غير، مروراً بتوجيه الشيخ زايد، طيب الله ثراه، لهذا القاضي وقد كان أردنياً، ولمن جاء بعده من القضاة، بضرورة توخي العدل والإنصاف والاستماع إلى آراء وحجج الطرفين قبل اتخاذ الأحكام، ومن القضايا المحلية، جال الشيخ سرور مع الحاضرين في ملفات بعضها معقد وشائك، لكن التناول كان قريباً وواضحاً وسلساً، ولقد أحاط الحديث بالمسائل الشاملة أو الشمولية، كما دخل في تفاصيل التفاصيل، في أسلوب هو السهل الممتنع بعينه.
جلسة أضاءت الذاكرة بجزء عزيز من تاريخ الإمارات والمنطقة، وأضاءت القلوب بمحبة الشيخ زايد الغامرة للإمارات وشعب الإمارات، الأمر الذي يذكر، في الوقت نفسه، بأهمية توثيق الشخصية الوطنية في الإمارات، والأمل أن يسعى الشيخ سرور وأمثاله إلى تسجيل شهاداتهم في كتب حتى تكون مصدر فكر وإلهام لأجيال الإمارات الطالعة والمقبلة.
ebnaldeera@gmail.com