سعود بن كايد القاسمي

عبدالله محمد السبب
حين تضرب موعداً مع شخص ما، ويغيب ذلك الشخص عن موعدكما المؤطر بزمن ومكان محددين سلفاً على الخريطة الجغرافية.. فإنك تلتمس لذلك الشخص المرتقب العذر اللائق بذلك الغياب، وإحسان الظن في ذلك الغائب، لاسيما وعلاقة وطيدة تجمعكما في الحياة الممتدة منذ زمن
لايمكنه التفلت من الذاكرة ومن التاريخ برمته.
وحين يغادرك شخص ما إلى حيث لا لقاء بينكما مستقبلاً بسبب انتهاء فترة إقامته في المحيط الاجتماعي أو الرياضي أو الثقافي أو الوظيفي أو ما إلى ذلك من أوساط كانت تجمعكما فيها بالخير والمحبة.. فإنك ترجو أن يكون له الحظ حليفاً، والتوفيق رفيقاً، مع أمنيات اللقاء به في قادم الأيام إذا شاء الله الذي إذا أراد شيئاً، قال له: (كن، فيكون).
وحين يترجل شخص ما عن هذه الحياة، حيث لا عودة منتظرة، ولا حياة لأمنيات اللقاء الجديد في الدنيا.. فإنك تبتهل إلى الله سبحانه وتعالى بأن يَمُنَّ على ذلك الغائب الأبدي، بالرحمة والمغفرة، وتطييب الثرى، وأن يكون قبره روضة من رياض الجنة.
هكذا غياب بحالاته المختلفة وبصوره المتعددة، لا قدرة لنا على ترويضه وأخذه إلى جانبنا، كما لا يمكن لنا الانصياع له والإذعان له بكل بساطة ويسر وسهولة.. أخذ في معيته بصورة نهائية، منذ أيام قريبة، المغفور له «د. الشيخ سعود بن كايد القاسمي – رحمه الله»، الذي توفاه الله في مستشفى «كليفلاند» بالولايات المتحدة الأمريكية أثناء تلقيه العلاج هناك.. حيث وصل جثمانه إلى أرض الوطن مساء السبت الماضي، وأقيمت على روحه صلاة الجنازة في مسجد الشيخ زايد بمدينة رأس الخيمة، ليشيع بعدها جثمانه الطاهر في مقبرة القواسم في منطقة العريبي برأس الخيمة.
نعم، هكذا يغيب «سعود بن كايد القاسمي»: (الطبيب الذي تخرج في كلية طب القاهرة سنة 1969م، والحاصل على مؤهل في الجراحة العامة، والمعين أول ما تعين كطبيب اختصاصي، ثم مديراً للطب العلاجي في وزارة الصحة سنة 1973م، ومن بعدها وكيلاً لوزارة الصحة في الفترة من 1976م وحتى 1998م).
نعم، هكذا يغيب الطبيب الشاعر الذي يحسن وفادة قصيدته المبللة بماء التراث والتاريخ والوطن، كما يحسن العناية بمرضاه وحسن الحوار معهم والإنصات لشكواهم. يحسن الاستماع لمستمعيه كما يحسن الحديث مع مُجالسيه. يحسن الاستماع ويحسن الإمتاع، ويحسن للصغير كما يحسن للكبير.
نعم هكذا يترجل «الشيخ سعود بن كايد القاسمي» عن الحضور إلى فرع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات برأس الخيمة، الذي افتقده منذ زمن وسيفتقده أكثر وأكثر، وهو السارد الشعري:
نبأٌ سرى في حيِّهم شجنٌ به لا يدفعُ
الحزن خيَّم والكآبة والفراق الموجعُ
حان الفراق وقد أتى أهلٌ إليهم ودعوا
إذ شاهدوا يوم الرحيل و«خُشْبُهم» إذ تقلعُ
ورست هناك «بِسِيفهم» في «الخورِ» حيث تجمعوا
قد أحكموا بنيانها وعلَت عليها الأشرعُ
ناداهمُ الرّبَّان هيّا يا رفاقي أسرعوا
(رحمك الله يا بوكايد، وطيَّبَ ثراك)
A_assabab@hotmail.com