مقالات عامة

سقوط زوما.. إفريقيا بخير

فيصل عابدون

استعاد حزب المؤتمر الوطني الجنوب إفريقي زمام المبادرة ونجح في إطاحة الرئيس جاكوب زوما، الذي طالما تحدث أنصاره والمراقبون السياسيون عن امتلاكه «تسعة أرواح» كناية على قدرته الفائقة على المراوغة وتفادي السقوط والهزيمة على الرغم من اتهامات الفساد وسوء الإدارة واستغلال السلطة لمصالحه الخاصة والتي أحاطت بمسيرته السياسية والملاحقات العنيدة التي قادها زعماء الحزب وقادة الأحزاب المعارضة للإيقاع به.
لقد سقط الرجل أخيراً وأثبت سقوطه المدوي أن إفريقيا بخير وتسير في طريق تصاعدي نحو التطور الدستوري والسياسي وأنها تعزز ثقتها بقدراتها وتغادر كوابيسها القديمة وتتطلع نحو المستقبل.
فما حدث في جنوب إفريقيا يجيء ضمن مسيرة التغيير والإصلاحات التي تجتاح دول شرق وغرب وجنوب القارة. وجنوب إفريقيا دولة رائدة ومحورية في مسيرة التغيير الإفريقي، لكن دورها كان غائباً ومغيباً في عهد الرئيس جاكوب زوما الذي يتهمه قادة حزب المؤتمر الوطني ومؤيدو الحزب ليس فقط بتلطيخ سيرته السياسية والشخصية ولكن أيضاً بجلب العار للحزب التاريخي الذي قاد مسيرة الكفاح ضد نظام الفصل العنصري وحقق استقلال البلاد وحريتها.
خلال فترتي رئاسته اتهم زوما بالتورط في قضايا فساد مالي وأغرق نفسه وسط مستنقع من الفضائح السياسية. أنفق مئات الملايين من أموال الخزينة العامة على رفاهيته الشخصية ووجهت له اتهامات بالتكسب من صفقات سلاح مع دول أجنبية واتهم بالمحاباة في توزيع الوظائف العامة، وفشلت سياساته الاقتصادية وقادت إلى أزمات خانقة في البلاد كما أثبتت التحقيقات تورطه في قضايا أخلاقية لا تليق بقائد الدولة وزعيم الشعب. لكنه كان ينجح في كل مرة بالإفلات ويحتفظ بمنصبه الرفيع في رئاسة الحزب والدولة.
وفي أكتوبر الماضي نجح خصومه في حزب المؤتمر الوطني في إزاحته من رئاسة الحزب وتنصيب سيريل رامافوزا، الذي قاد مفاوضات الاستقلال مع الحكم العنصري وهو أيضاً رفيق الزعيم الراحل نلسون مانديلا وخياره المفضل لخلافته. ونجحت هذه الخطوة في إضعاف زوما وامتصاص مقاومته ووضعه في الزاوية قبل أن يوجه الحزب ضربته القاضية وينزعه من رئاسة الدولة.
ولن تنتهي متاعب الرجل، بخسارة رئاسة الحزب التاريخي ورئاسة الدولة، فخصومه عازمون على جرجرته مباشرة إلى المحاكمة بعد رفع الحصانة عنه. ويقول زعيم حزب التحالف الديمقراطي ميموسي ميمان إنهم يرفضون منح زوما أية حصانة من المحاكمة أو عقد أية اتفاقات سياسية معه تمنع مثوله أمام العدالة لمواجهة أكثر من 780 قضية جنائية تشمل اتهامات بالفساد المالي والاحتيال وغسيل الأموال والابتزاز.
وهناك عزم مماثل بين قيادات وقواعد حزب المؤتمر الوطني لتقديم زوما إلى المحاكمة حتى يستعيد الحزب سمعته التاريخية الضائعة ويصبح أكثر أهلية لخوض انتخابات العام القادم.

Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى