سلامة الأبراج
جمال الدويري
الأبراج السكنية التي يقطن كل واحد منها الآلاف، تحتاج إلى إدارة صارمة لتبقى صحيّة وسليمة وصالحة للسكن.
بعض البنايات الكبيرة والمنتشرة في جميع أنحاء الدولة، لو قامت الدوائر المعنية التابعة لها بحساب عدد شققها ووزّعتها بيوتاً بشكل أفقي، لكانت أكبر من قرى بأكملها، بما تضمّه من سكان وسيارات ومرافق وخدمات.
إزاء هذه المعادلة، يتساءل كثُر عن الدور الرقابي للدوائر المحليّة المعنية عن هذه البنايات من رقابة، وتشديد على شروط الأمن والسلامة والوقاية، وهل تقوم بهذا الدور فعلاً، أم أن دورها ينحصر في تحصيل رسوم تصديق عقود الإيجار، وما يتبعها من جبايات، وتترك أمر إدارة برج يضم 500 شقة أو أكثر، لعامل بسيط لم يرَ برجاً في حياته.
الحقيقة التي يعانيها الكثير من السكان في أكثر من مكان، هي قضية النظافة والأمن في بعض الأبراج المنتشرة في جميع أنحاء الدولة، وخاصة أن هذه الأبراج قلاع كبيرة لا تخضع، بحسب سكانها، لمراقبة الدوائر المعنية فيما يتعلق بشروط النظافة والصحة العامة، وتكاد بعض الممرات في هذه البنايات لا ترى الماء أو التعقيم منذ إنشائها، وكل ما تقوم به إدارة البرج، تنظيف سطحي من عامل بسيط، وليس مؤسسات متخصصة لديها كوادر ومعدات متخصصة.
لماذا لا تقوم الجهات المعنية بإلزام أصحاب هذه الأبراج أو مديريها بعمليات تنظيف وإعادة تأهيل بشكل مقنع ومرض، لا الاكتفاء بطريقة إدارة هذا العامل البسيط الذي لا يفقه شيئاً في مثل هذه الأعمال، خاصة أن المكاتب المسؤولة عن التأجير تحصّل رسوماً من 3 آلاف إلى 5 آلاف درهم دون أي خدمات تقدمها.
الدوائر المحليّة المتصل عملها بهذه الأبراج، مطالبة بمراقبة مسألة النظافة الصارمة، وبعضها لا بدّ أن يكون شديداً على الأمن، وأخرى على مسائل الوقاية ومراقبة ملحقات هذه الأبراج، من مواقف للسيارات وممرات، وحتى سلالم داخلية، حوّلها بعض السكان إلى مستودعات لأثاثهم الزائد.
ما تحصّله مكاتب الإيجار، فضلاً عن الإيجارات نفسها، كفيلة بإدارة أي برج أفضل إدارة وبأحسن شكل، ولكن للأسف عرفت إدارة البرج مسؤولياتها، عندما تعلّق الأمر بتحصيل الإيجار والرسوم، ولم تعرف ما عليها من واجبات تجاه حماية السكان، عندما يتعلّق الأمر بالدفع لشركات الحماية والصيانة.
ملاحظات سكان الأبراج أكثر بكثير من مسألة صيانة بسيطة لشقة أو مرفق تعطل، بل تحتاج إلى إنشاء إدارات محلية في كل إمارة مهمتها مراقبة كفاءة هذه البنايات، وكفاءة الشركات المشغلة لها، ولا تتركها بين أيدي عمال بسيطين، وتحمّلهم مسؤولية حماية آلاف السكان، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى كوادر مؤهلة وقادرة على التعامل مع الأزمات.
jamal@daralkhaleej.ae