«صفقة» ترامب وكيم أون
مفتاح شعيب
يأمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يوقع «أعظم اتفاق» مع كوريا الشمالية، عندما ينجح في لقاء زعيمها كيم يونج أون في مايو المقبل، وفي مكان لم يحدد بعد. وحتى هذه اللحظة ما زالت القمة المرتقبة في دائرة الاحتمال وقد تنسف من أصلها، إذا لم تستقم شروطها. والمعادلة الآن بين موقف أمريكي يتمسك بعدم تقديم «أي تنازلات»، وموقف كوري شمالي قدم «وعوداً كبيرة» من دون أي التزامات.
ترامب يراهن على عقد لقاء ينتهي ب«صفقة» يتوج بها عامه الثاني في البيت الأبيض، ويستغلها وحزبه في المحطات الانتخابية المرتقبة. وبالمقابل لا تتوقع أغلب التحليلات الأمريكية وغير الأمريكية، نجاح هذا المسعى بسبب تعقد الملف وكثرة المتدخلين فيه، وأن القرار في بيونج يانج ليس مستقلاً في هذه المسألة، وإنما يرتبط بمصالح حلفائه مثل بكين وموسكو. ولذلك يحذر البعض من أن يكون زعيم كوريا الشمالية قد نصب «فخاً» لواشنطن، على اعتبار أن توقيع «معاهدة سلام» بين الطرفين، قد تسحب البساط من تحت مبررات بقاء القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية وفي بحر اليابان.
وإذا كانت السلطات الرسمية في سيؤول لا تطالب بذلك، يمكن مع الوقت أن يتحول الأمر مطلباً شعبياً في خضم الأجواء الديمقراطية الراسخة نسبياً في كوريا الجنوبية. وقد يكون هذا السيناريو لمع في ذهن قادة بيونج يانج بعد التواصل الرسمي والشعبي بين الطرفين في الفترة الأخيرة، من دون استبعاد أن تكون القناعة قد ترسخت رسمياً في الكوريتين، بإنهاء حالة العداء المزمنة والتخلص من تبعاتها، بما فيها تدخل القوى الكبرى.
العلاقة بين واشنطن وبيونج يانج ستكون ملأى بالمفاجآت والتشويق خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وقد تنعقد القمة المرتقبة بعد أن تمر بعواصف من التصريحات العدائية بين الجانبين، ولكن الأخطر في المسار هو ما بعد اللقاء؛ إذ يعتقد أن اجتماع ترامب وكيم يونج أون، سيضع خريطة طريق طويلة لإنهاء البرنامج النووي لكوريا الشمالية، وتفكيك قنابلها الذرية وصواريخها العابرة.
وقد لا يكفي الاتفاق بين البلدين لإنهاء الأزمة المديدة، فالأطراف الأخرى ذات الصلة ستكون حاضرة وستكون شريكة في صنع السلام، وربما وحدة الكوريتين، مثلما كانت قبل أكثر من نصف قرن شريكة في الحرب والتقسيم، وظلت فاعلة في كل التطورات اللاحقة إلى هذا اليوم.
زعيم كوريا الشمالية أعلن عزمه لقاء نظيره الجنوبي مون جيه إن، في أبريل والرئيس الأمريكي في مايو، والتخلي عن ترسانته، وذلك يعتبر خبراً ساراً للشعب الكوري بمجمله، ولشعوب منطقة شرقي آسيا التي ظلت طوال السنوات الماضية خائفة من أن تستيقظ ذات صباح على وقع حرب عنيفة، لن تخلو من استخدام الأسلحة النووية.
ويبدو أن هذا الكابوس بدأ ينحسر شيئاً فشيئاً مع مفاجأة كيم يونج أون، على الرغم من أن الخوف من الحرب مازال قائماً، فقد تنعقد قمة ترامب وأون وتنتهي بالفشل، وإذا أخفق ترامب في إبرام «الصفقة» ولم يحصل نظيره الكوري الشمالي على ما يريد، فقد يصبح الوضع أخطر والمسافة إلى الحرب أقرب، أكثر من أي عهد مضى.
chouaibmeftah@gmail.com