ضارة ترامب النافعة
خيري منصور
اختزل الرئيس الأمريكي ترامب هذه الدراما، التي شملت الكوكب عبر كل تضاريسه السياسية والأخلاقية والعقائدية بأنه نفذ ما وعد به خلال حملته الانتخابية، متناسياً أنه اختار من كل وعوده هذا الوعد، وأن مرشح الرئاسة في أي بلد في هذا العالم قد يقول كل ما يعنُّ له قوله وبلا مساءلات بعكس الرئيس الذي يصل إلى سدة الحكم ولا يكون طليق اليد واللسان!
بإجماع كوني ما فعله ترامب ضارة وطنية ودينية وقومية بالعرب من الماء إلى الماء، ومن الدم إلى الدم، ومن ألف الأبجدية حتى يائيها، لكن لهذه الضارة الترامبوية أعراضاً قد لا تكون جانبية على الإطلاق، ومنها، يعود بالنفع على قضية أوشكت على التهميش رغم أنها كانت لعقود المشترك العربي الأعظم.
فهل ما منحه ترامب لهذه القضية هو قبلة حياة أم قبلة موت؟ رغم أنه لا يملك مثل هذه المقدرة التي تفوق قدرة البشر الفانين!
الأرجح ومن خلال ردود الفعل التي شاهدناها خلال يومين فقط أن الضارة الأمريكية تحولت بفضل كيمياء التاريخ وهاجس العدالة وما تبقى من كوابح إنسانية إلى نافعة وربما إلى رافعة للقضية الفلسطينية، فالعودة الآن باتت وشيكة إلى المربع الأول في أعنف وأطول صراع وجودي بدأ مع القرن العشرين، وقد يستمر إلى قرون قادمة.
وأكثر من عشرة ملايين فلسطيني في الوطن والمنافي هم رافد من نهر عظيم يتدفق فيه أكثر من ثلث مليار عربي، لن يسقطوا سهواً أو عن تعمد من كتاب التاريخ، والسؤال الذي يراود الكثير من الناس هو هل توقع ترامب هذا الصدى وهذه الردود وحراكات الشجب بمختلف لغات العالم؟
إن توقع ذلك فتلك مصيبة وإن لم يتوقعها فالمصيبة أعظم!