طفولتنا.. مراكب راسية في ميناء الشارقة
خالد آل علي*
لا شيء يضاهي الأجواء العائلية والحس المجتمعي في الشارقة، منذ طفولتنا وحتى أيامنا هذه لا تزال المدينة تمنح الدفء لأهلها الذين تربط بينهم علاقات قوية، يخافون على بعضهم بعضاً ويحرصون على أن يكون الجميع بخير ويهبّون للمساعدة ويحافظون على التقاليد الاجتماعية في المناسبات والأعياد.
كل هذه الروابط التي تعمقت عبر السنين ولم تضعف أو تتلاشى بفعل التقدم والنمو في المدينة، أسس لحس عائلي بين سكان الشارقة فكل أسرة معنية ليس فقط بأطفالها بل بكل أطفال المدينة، والحرص على توفير بيئة مثالية للأطفال أصبح مسؤولية مشتركة بين سكان المدينة والمسؤولين الرسميين. هذا النوع من العقد الاجتماعي أنتج معايير وخططاً لتطوير المدينة بحيث تكون صديقة للأطفال واليافعين.
ما زلت أذكر النزهات العائلية إلى بحر الشارقة، والبر، والحدائق مثل حديقة الحزام الأخضر، والسوق القديم وميدان الرولة وغيرها من الأماكن التي شكلت وجداننا. وكنا نشعر أن كل البيوت بيوتنا وكل الأماكن مساحات آمنة لنا.
أرى نفسي محظوظاً لأن طفولتي في الشارقة غنية بالذكريات وما زالت صور من ذلك الماضي الجميل تخطر في بالي كلما مررت بشارع أو حي، ولعل المراكب الراسية مقابل السوق القديم تشبه إلى حد كبير طفولتنا الراسخة في وجداننا.
لا أذكر يوماً مرّ في طفولتي من دون أن أكون منشغلاً بهواية أو رياضة ما، كنت في فريق كرة قدم، وفي فرقة موسيقية، وضمن فريق ألعاب القوة والعدو، وهذه جميعها علمتني أساسيات التواصل مع الآخرين ومبادئ المنافسة وأصولها بالإضافة إلى أهمية العمل الجماعي واحترام الآخرين.
وإذا أمعنت أكثر في تذكر طفولتي، تحضرني مرحلة أثَّرت بشكل كبير في شخصيتي، وهي عندما كنت أقدم برامج الإذاعة المدرسية، وأقف على خشبة المسرح في المدرسة لإلقاء الشعر أو لإنشاد الأغاني الوطنية في المدرسة العسكرية.
كل هذه الفعاليات أثرت تجاربي وساعدتني على اكتشاف ذاتي وتخطي الكثير من العقبات… إنها أجواء المدينة بشكل عام ونهج الإمارة منذ سنوات وهي تواصل تقدمها وتواكب عالم الأطفال وتلبي متطلباتهم ولديها الكثير من الخطط لتهيئة البيئة العمرانية المثالية للأطفال واليافعين مع الحرص على أجوائها الأصيلة والروابط العائلية داخل نسيجها الاجتماعي المتنوع.
*أمين عام مجلس الشارقة للتخطيط العمراني