قضايا ودراسات

طفولتي لم تغادرني

هنادي اليافعي*

أكثر ما أعيه منذ طفولتي، الشعور بالأمان في مدينة الشارقة، فنحن لم نتدرب كباقي الأطفال على تجاوز مخاوفنا خارج كنف العائلة وجدران المنزل.. كأن الشارقة كانت امتداداً لدفء وحضن العائلة.
لا زلت أذكر عندما كنت أذهب مع أمي وإخوتي إلى حديقة الحزام الأخضر، على الرغم من بساطة هذه الحديقة آنذاك، وغياب التطور الذي نعيش فيه وينعم به أطفالنا حالياً، إلا أن الشيء الوحيد الذي لم يتغير منذ الثمانينات إلى اليوم، هو أن الشارقة مصدر أمان لنا.. كنا نقضي أوقاتنا بالساعات في الحديقة من دون أي شعور بالخوف من غريب أو خوف من الضياع، ولا زلنا حتى اليوم نتمتع بهذه الطمأنينة.
كل ذكرى من طفولتي تكشف ميزة من مزايا الشارقة، فعندما كنا نذهب إلى نادي الفتيات كما يحلو لبعضنا أن يسميه حتى لو أصبح اليوم نادي سيدات الشارقة كنت أشعر بفرح كبير؛ لأن هذا المكان كان ملتقى للاستجمام في نهاية الأسبوع، وأصبح الأحب إلى قلبي، وتعلقي بالنادي انتقل إلى أطفالي، فأصبحنا نذهب معاً باستمرار، وأستعيد معهم في كل مرة شريط ذكرياتي في النادي.. وكأن الطفولة لم تغادرني أبداً.
في الشارقة أيضاً اكتشفت مواهبي، وتمرست على مهارات كثيرة، كنت في فريق الجمباز وأفوز دائماً بالمراكز الأولى على مستوى إمارة الشارقة، في مدرسة إشبيلية الابتدائية، وحتى الصف السادس.
كنت من عشاق الرياضة واللياقة البدنية منذ صغري، وأشارك في المسابقات على مستوى الدولة مع جميع المدارس، وكانت أمي تنمي كل مهارة تراها قابلة للنمو عندي، عن طريق إشراكي في مختلف الأنشطة التي أحبها.. خلاصة القول من هذه الحكايات أنه طالما لم نكن نعرف الخوف في مدينتنا، كنا نشعر بالقوة والشجاعة ولا نخشى أي تحدٍ.
لا أعتقد أن صداقة بين البشر، أو بين إنسان ومدينته، يمكن أن تنشأ من دون عنصر الأمان. الشارقة إمارة الأمان لي ولأطفالي، وأنا على ثقة بأن دولتنا وإمارتنا، ستظل دائماً تنعم بميزة الأمان والسلام.
والمفارقة الجميلة بعد كل هذه الذكريات، أنني الآن في إدارة سلامة الطفل، وأعمل مع الجهات الرسمية على توفير كل مقومات الطمأنينة والسلامة للأطفال، وكأن كل هذا الأمان الذي وهبتني إياه الشارقة، أصبح أمانة بين يدي ولا يسعني إلا أن أرد الجميل لقادتنا، وأصون ما حملته قلوبهم من حب ورعاية لحماية الطفل ونماء الأسرة.
الشارقة مدينة صديقة للأطفال واليافعين، لقب استحقته إمارتنا الحبيبة عن جدارة؛ لأنها تعرف كيف تكون امتداداً للأسرة في شوارعها وحدائقها، ومراكزها التربوية والثقافية والاجتماعية، فلا غربة ولا خوف ولا قلق.. إنها حالة طفولة دائمة وشباب من الطموح.

*مدير إدارة سلامة الطفل

زر الذهاب إلى الأعلى