ظلم الروهينجا مستمر
صادق ناشر
مع مرور كل يوم تتكشف حقائق جديدة في مشهد المعاناة التي يعيشها الروهينجا، الأقلية المسلمة في ميانمار، والتي تواجه التنكيل من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية بتواطؤ من قبل السلطات الحاكمة في البلاد، ومع استمرار هذه المأساة يموت يومياً الكثير من المضطهدين وهم في طريقهم إلى بنجلاديش، للفرار من الجحيم الذي تمارسه السلطات ضدهم، فيما يغمض العالم عينيه عن هذه المأساة الإنسانية، التي تتفاقم وتكبر من دون أن تكون هناك قدرة على لجم السلوك اللا إنساني الذي تنتهجه حكومة ميانمار منذ عدة سنوات، إلا أنها خلال الأشهر القليلة الماضية زادت منسوب الظلم ضد سكان الروهينجا، ما تسبب في إزهاق أرواح الآلاف منهم في فترة زمنية وجيزة.
الأعمال البشعة التي تمارس ضد الروهينجا، والتي لا تمت للإنسانية بأية صلة، تؤكد حقيقة أن الإنسان صار أرخص سلعة لدى بعض الأنظمة، فاستمرار تدفق اللاجئين الروهينجا إلى بنجلاديش عبر الأنهار، وما يلاقيه هؤلاء من مخاطر يقودان إلى الموت عبر الإغراق المتعمّد في بعض الأحيان، بعد أن تكون السلطات هناك قد أجبرتهم على الفرار بإحراق منازلهم وممتلكاتهم، يعكس حالة من فقد الإنسانية لروحها، وللأنظمة تعهداتها بحماية الإنسان، وطرد السكان من أماكن حياتهم ومعيشتهم يتم بوسائل بشعة، حيث يرمى الناس من شواهق الجبال، والحرق والتعذيب عبر الضرب بالعصي والآلات الحادة، الذي يفضي للموت، حيث لا يتم التفريق بين صغير أو كبير.
وعلى الرغم من أن رئيسة الحكومة الحالية أونغ سان سو تشي، حازت جائزة نوبل للسلام عندما كانت في المعارضة لدفاعها عن حقوق الإنسان، فإن هذه الجائزة لم تحل بينها وبين البطش الذي تمارسه حكومتها ضد أقليات الروهينجا، لدرجة أن الجامعة البريطانية التي درست فيها، وهي «أكسفورد» أزالت لوحة تمثل الزعيمة البورمية، والتي درست سابقاً في الجامعة، فيما انضم إليها المجلس البلدي لأكسفورد، الذي قرر هو الآخر سحب أعلى وسام تمنحه المدينة البريطانية من سو تشي بسبب «عدم تحركها» في إدارة أزمة أقلية الروهينجا المسلمة.
مأساة مواطني الروهينجا تكمن في أن الجيش طرف رئيسي في الحملة القائمة عليهم، إذ إنه يقوم بإجراءات تستهدف استئصالهم في ظل رفض تام من الدولة الاعتراف بهم، مع أنهم يعتبرون السكان الأصليين لمنطقة أراكان، التي كانت ذات يوم مملكة إسلامية مستقلة.
ما يحدث ضد الروهينجا يراه الكثيرون خطة ممنهجة من قبل الجيش في ميانمار لإنهاء العرق الروهينجي من البلاد، إما بقتلهم أو بتهجيرهم إلى الخارج، وإخلاء أراكان من وجود الروهينجا بالكامل، والانتهاكات المستمرة حتى اليوم، دليل على أن هذه الخطة لن تتوقف عند حد معين، بل مستمرة في مراكمة المأساة التي يعانيها الفارون من الجحيم، لكن المأساة الأكبر هي في هذا الصمت الذي يلف العالم كله حيال هذه المأساة، خاصة الأمم المتحدة، التي تنشر بيانات لا تعدو عن كونها مجرد إسقاط واجب ليس إلا.
Sadeqnasher8@gmail.com