مقالات عامة

عام زايد… الحديث عن المآثر عند الشيخ زايد

بقلم: عبدالغفار حسين

الأستاذ الدكتور حنيف القاسم، الوزير السابق للتربية والتعليم ورئيس مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي الحالي، وأحد أنشط الإماراتيين في مجال حقوق الإنسان دولياً، وأحد أنشط المثقفين في إقامة الندوات الفكرية في منزله العامر بالخوانيج، ولا يمر شهر دون أن يدعو بو محمد الدكتور حنيف، جمعاً من ذوي الميول الثقافية في المجتمع الإماراتي لحضور ندوة فكرية يقيمها الدكتور حنيف، وفي الواقع فإن هذه الظاهرة الحميدة يشاد بها ويُحمد الدكتور حنيف عليها حمداً كثيراً.
وفي يوم السبت الماضي كنتُ ممن تشرف بحضور ندوة أقامها الدكتور حنيف من ضمن ندوات هذا العام، عام زايد، تخليداً لذكرى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، وتحدث فيها عدد من الحاضرين يتقدمهم صاحب الفضيلة الشيخ سيد علي الهاشمي المستشار بالديوان الأميري وأحد أكثر الأشخاص قرباً من المغفور له الشيخ زايد.. وكان السيد الهاشمي مرافقاً للشيخ زايد في السفر والحضر ومستشاره في أمور الشريعة الإسلامية والأعراف العربية.
وقد تحدث السيد علي الهاشمي عما عرفه واكتشفه في الشيخ زايد من المآثر الإنسانية، وقال إن الشيخ زايد كان يراعي الله في كل خطوة يخطوها، وكان سنداً متيناً للعرب والمسلمين وإذا علم بسوء تفاهم وقع بين أشقاء وبلدان شقيقة، فإنه كان يسارع لإصلاح ذات البين ووأد الفتن والشرور.
وفي إشارة لكاتب هذه السطور تعليقاً على ما أورده الشيخ السيد علي الهاشمي وآخرون من الحضور، كالشيخ احمد بن عبد العزيز الحداد والسيد عبد الرحمن الجروان، تحدثت شخصياً عن تجربة مررت بها وعلمت بها من مآثر الشيخ زايد، في أوائل الخمسينات من القرن الماضي، حيث كنت أصحب والدي في سيارة النقل التي كان يمتلكها وتحمل ركاباً وبضائع إلى مناطق عمان الداخلية، وحدث أن مررنا بالعين في قيظ عام 1951، ولأول مرة أسمع بقائد متميز في هذه المنطقة اسمه زايد، تروي الناس مآثره ومميزاته الكثيرة.. ومما عرفناه في تلك الأيام أن الشيخ زايد هو الوالي والحاكم لمنطقة العين وما جاورها منذ منتصف الأربعينات وبالتحديد منذ العام 1946.
وقد ذُكرت لنا مأثرتان للشيخ زايد يتميز بهما دلّتا على مكامن القيادة في شخصيته المميزة، وهاتان المأثرتان اللتان لا يتحلى بهما إلا من كانت القيادة ضمن الأخلاق العالية هي التي تسير حياته وتجعله أهلاً للسيادة بين الناس.
وكانت المأثرة الأولى أن الشيخ زايد كان يحرص رغم ضيق ذات اليد في تلك الأيام وسوء الأحوال المادية، أن يفك أسر الأرقاء الذين كان لهم سوق رائجة في البريمي وما جاورها من القرى، حيث كان تجار الرقيق يأتون من مناطق بعيدة من الجزيرة العربية لمزاولة هذه التجارة غير الإنسانية.
وكان الشيخ زايد فور علمه بوجود أرقاء معروضين في سوق النخاسة هنا وهناك، يبعث برجال من عنده يدفعون أثماناً لمالكي الرقيق ويطلقون سراحهم، مهيئاً لهم عملاً إذا أرادوا البقاء ويساعدهم مادياً إذا طلبوا العودة إلى بلدانهم وأهلهم..
ولعَمري فإن هذه المأثرة التي تنبض بالإنسانية العالية قلما يجدها المرء في أخلاقيات القادة والزعماء في تاريخ العالم.
والمأثرة الأخرى أو الثانية للشيخ زايد، رحمه الله رحمة واسعة، أنه جمع رؤساء قبائل البدو وأقنعهم بالموافقة على انخراط أبنائهم في جيش ساحل عمان الذي بدأ في تجميع شتاته في تلك الأيام، وتم للشيخ زايد ما أراد حيث التحقت أعدادٌ كبيرة من شباب البدو العاطلين بالجيش.
وبهذه الخطوة العقلانية المتسمة ببعد النظر والقيادة الفاهمة، قضى الشيخ زايد على الفوضى الأمنية من كل مناطق الإمارات ومهد السبل أمام قطاع كبير من الناس أن يتحول من طاقة معطلة إلى طاقة عاملة ومفيدة..
كل ذلك والشيخ زايد لم يكن يملك من المال شيئاً يذكر ولكنه كان يملك الطاقة الإيجابية والقدرة على القيادة والعمل من أجل إقامة وطن نحن نتمتع اليوم بخيراته.

Agh@corys.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى