غير مصنفة

عروبة القدس لا يلغيها قرار

سلطان حميد الجسمي

يحتفي العالم في كل سنة بتاريخ 18 ديسمبر باللغة العربية، وفي فلسطين المحتلة مهد الحضارات واللغات وفي القدس بالأخص ينتظم الجميع تحت رايات كل الديانات واللغات ليعبروا عن رفضهم لتهويد القدس وتغيير قلبها وروحها العربيين.
يمارس المحتل الصهيوني اليوم أبشع الطرق لسلب الشعب الفلسطيني حقوقه التي سلبت، والحقوق الباقية يحاول أن يأخذها بالقوة، وآخر حق أعطته الولايات المتحدة للاحتلال من دون وجه حق، كان اعتراف الرئيس دونالد ترامب بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل»، ولم يكتف المحتل بسلب جميع الحقوق، بل يحاول جاهداً تهويد القدس ومحو اللغة العربية في فلسطين.
إذا رجعنا إلى قرن من الزمن لوجدنا العرب والأجانب حول العالم، كانوا يأتون إلى فلسطين لتلقي التعليم، يعبرون القارات لأخذ العلم والمعرفة منها، تختلف جنسياتهم ولكن لغة التعليم تبقى اللغة العربية، فتخرج في كليات ومعاهد ومدارس فلسطين التاريخية أبرز الشخصيات في مختلف التخصصات، وأصبحت رموزاً عالمية.
ما يمارسه العدو «الإسرائيلي» لتهويد القدس هي محاولات فاشلة منذ احتلالها في عام ١٩٦٧، وهو يعمل جاهداً وبكل الوسائل للسيطرة الكاملة على مدينة القدس وتهويدها وإلغاء تاريخها وتراثها وتزوير وجودها كمدينة عربية إسلامية. فالاستيطان يقمع المدينة، ويمارس أبشع الأساليب لتهويدها وإلغاء عروبتها، ويستخدم للوصول إلى هذا الهدف أبشع الأساليب وأقذرها ضد أهلها العرب من خلال مصادرة أرضهم أو تهجيرهم أو هدم منازلهم.
المساس بالقدس ومحاولة تهويدها هو مساس بكرامة العرب والمسلمين في جميع أنحاء العالم، فمنذ اعتراف الرئيس الأمريكي ترامب وإعطائه وعداً شبيها بوعد بلفور لليهود واعترافه بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل»، ومن ثم اعتبار حائط البراق ملكاً لليهود والاحتلال ماض في عربدته، منتهكاً كل القوانين والقرارات، يمارس كل أساليب البطش والعدوان والقوة ضد الشعب الفلسطيني الذي يملأ الساحات والميادين كل يوم رافضاً قرارات ترامب مؤكداً حقه في المدينة وفي كل فلسطين، مقدماً التضحيات، مقاوماً بصدور عارية كل القوة الباطشة والإرهاب الذي يمارسه جنود الاحتلال.
إن تهويد القدس الشريف يتنافى مع جميع القوانين المتعارف عليها دولياً، وبقاء القدس عربية وعدم تهويدها هو مطلب العرب والمسلمين وكل الأحرار في جميع العالم.
إن المشروع الصهيوني -الأمريكي لتهويد القدس هو بداية لانتفاضة جديدة، أو ربما لصراع جديد بين العرب والصهاينة، فالغضب في الشارع العربي واضح من خلال التظاهرات والمسيرات التي تعم معظم الدول العربية والإسلامية، حيث يتم حرق الأعلام «الإسرائيلية» والأمريكية، في تعبير عن غضبهم الشديد، وهذا البركان من الغضب الذي يغلي قد يزداد ويصعب السيطرة عليه، وعلى الإدارة الأمريكية أن تتراجع عن قرارها الجائر تجاه القدس العربية.
إن استفزاز العرب والمسلمين بهذا القرار الجائر سوف يزيد من الغضب، وقد يؤدي إلى نسف كل فرص السلام، ويهدد الأمن والسلام في المنطقة، ويطلق العنان لموجة جديدة من الإرهاب والتطرف لن تكون نتيجتها لمصلحة أحد. إن مشروع تهويد القدس ليس جديداً، ف «إسرائيل» تعمل منذ احتلال المدينة المقدسة على تغيير معالمها، لكن القرار الأمريكي جاء ليضع صدقية دولة عظمى على المحك لأن قرارها يتعارض مع كل القرارات الدولية بشأن عروبة القدس وعدم شرعية الاحتلال، وكأن القرار جاء ليقول ل«إسرائيل» أن تمضي قدماً في عملية الاستيطان والتهويد ولا تلقي بالاً للشرعية الدولية.
أصبحت القدس الشريف اليوم على مشارف التهويد، وأصبح الخطر وشيكاً، وعلى المجتمع الدولي واجب إلزام المحتل «الإسرائيلي» بتنفيذ قراراته والتخلي عن مشاريعه الجهنمية، ووضع حد للدعم الأمريكي المفضوح للاحتلال.

sultan.aljasmi@hotmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى