عندما تتحول أفكارنا لمشاهد مشاعة
شيماء المرزوقي
كانت أفلام الخيال العلمي وحدها ما نشاهد فيها أموراً خارجة عن المألوف ونكون على يقين بأن ما نشاهده هو خيال وشيء من ضروب المستحيل أن تكون على أرض الواقع أو في حياتنا الحقيقية. على سبيل المثال القدرة على إخراج ما يدور في العقل من صور وأفكار وجعلها كأنها شريط فيديو يعرض أمامك على شاشة تلفزيونية، وهذا يعني أن أفكارك لم يتم نقلها وحسب وإنما تم نقل حتى تخيلك لها وبنفس الصور التي يقوم العقل بتشكيلها، وهذا الذي يحدث على أرض الواقع اليوم وفي ظل ذكاء آلي وتقنيات متلاحقة التطور ولا تتوقف أبداً عن الإذهال بكل ما تعني الكلمة من معنى.
لكن الموضوع لا يتوقف عند إخراج أفكارك من عقلك وجعلها مشاعة ويتم مشاهدتها بواسطة جهاز ما، بل إن الموضوع أكبر وأكثر أهمية، فلو كنت تتذكر صورة أبيك أو أمك أو جدك الذي توفاه الله، فإنه يمكّنك عندها من طباعة هذه الصورة، وإذا كانت هناك ذكريات من اللعب وأنت في سن مبكرة من عمرك ما زالت عالقة في ذهنك، فإنه يمكنك إخراجها ونقلها على «فلاش مومري» أو أي وحدة تخزين ثم مشاهدتها وكأنه فيلم يعرض أمامك. أما جهودك لمحاولة نقل أفكارك وتخيلاتك للآخرين بالشرح والوصف، فجميعها ستتوقف ويمكنك فقط عرض أفكارك ليروا كيف الشكل دون أي كلمة أو شرح منك، فالصورة أبلغ وأكثر دقة، أليس كذلك؟
إن مهندسي الإبداع ومصممي منازلنا أو سياراتنا أو حتى المدن، لن يكون هناك حاجة ليقوموا بعمل تصاميم تستغرق الوقت الطويل والساعات الطويلة ليقدموا لنا شكل ما يريدون تصميمه، ثم قد نوافق عليه وقد نرفضه، بل كل ما عليهم هو نقل فكرة التصميم من عقولهم ووضعها على شاشة الكمبيوتر وعرضها أمامنا، وكل ما عليهم أن يقولوه: هذا ما أفكر أن يكون عليه شكل سيارتكم أو منزلكم أو حتى مدينتكم.
وهذه التقنية تحديداً لو باتت مشاعة لكم أن تتخيلوا كيف نكذب وكيف نغدر، بل الجريمة كيف سيكون حالها وكيف ستتم في ظل سهولة معرفة الجاني، الموضوع واسع وكبير جداً، ولكن تقنيات المستقبل مذهلة بكل ما تعني الكلمة، وستغير حياتنا بشكل فعلي وواقعي.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com