غير مصنفة

عندما تنكر الشركات علم المناخ

كارلا سانتوس سكاندير*

لكي لا يصبح العمال الذين يجري الاستغناء عن خدماتهم في غمار التحول من الطاقة الأحفورية إلى الطاقة المتجددة، ضحايا عملية التحول تلك، يجب تأهيلهم للعمل في مجالات جديدة.
بعد عقود من نشر المعلومات عن دور انبعاثات غازات الدفيئة باعتبارها محركاً لتغيّر المناخ، بدأت تكتيكات صناعة الوقود الأحفوري الخادعة، تأتي بنتائج عكسية شيئاً فشيئاً.
في ديسمبر/‏ كانون الأول، على سبيل المثال، أعلنت شركة «جنرال إلكتريك»، عن تخفيضات كبيرة في إدارتها للطاقة الأحفورية التي تعمل بالوقود الثقيل- ويطال الألم الفعلي الذي ينجم عن هذا التحول غير المخطط، أقلّ الناس مسؤولية عن قرارات الشركة: وهم عمالها.
في العامَين الأخيرَين، ظهر العديد من القصص عن المعرفة التي كانت تملكها شركات الوقود الأحفوري الكبرى مثل «اكسون- موبيل» عن التأثيرات المناخية لنشاطاتها، والتكتيكات العديدة التي استخدمتها هذه الشركات لخداع الجمهور بشأن هذه التأثيرات. ولكنها ربما تكون قد تمكنت من خداع أنفسها أيضاً.
وإذ استمدت شركات الطاقة القذرة، الثناء من رئيس بالغَ في دعم صناعة الوقود الأحفوري أكثر من اللازم- من إعلانه نية سحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، إلى الدفع باتجاه الموافقة على خط أنابيب كيستون الضخم- فإنها تخدع نفسها بالاعتقاد بأن المضي في العمل كالمعتاد مسار ممكن.
ولعل خداع النفس بدأ يبلغ مداه النهائي. وقد جاءت العلامة الأحدث على ذلك، في 7 ديسمبر/‏ كانون الأول في شركة جنرال إلكتريك- وهي لاعب عالمي في مجال الكهرباء خلال السنوات الـ125 الأخيرة- مع الإعلان عن خفض بنسبة 18% من حجم إدارة الطاقة، وهي أكبر وإحدى أقدم الإدارات في الشركة.
ولم يدخر المدير التنفيذي راسيل ستوكس، أي جهد في شرح التخفيضات: فالقرار يهدف إلى تصحيح حجم الأعمال وسط الهبوط في استخدام الوقود الأحفوري، ولا سيما الفحم الحجري والغاز الطبيعي. وقد جاء هذا الإعلان بعد عامين فقط من قرار «جنرال إلكتريك» مضاعفة أسطولها من توربينات الفحم الكبيرة، في حكم خاطئ على الأمور بصورة واضحة.
وكان من شأن ذلك أن يكون خبراً سارّاً لولا تفصيل واحد: هو الوظائف. فقرار «جنرال إلكتريك» وحده، سوف يكلف 12 ألف وظيفة في جميع أنحاء العالم.
وإذا واصلت الشركات مقاومة التحول من أنواع الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة، فسوف تكون هذه الخسائر الضخمة في الوظائف، مجرد بداية.
وتقدّر وزارة العمل أن هنالك حوالي 200 ألف شخص يعملون حالياً في قطاعات استخراج النفط والغاز ومناجم الفحم. ولكن العدد يمكن أن يكون بالملايين إذا أخذنا في الاعتبار الأعمال المساندة، وأعمال البناء، والخدمات غير المباشرة للمجتمعات المعتمدة على الوقود الأحفوري.
ولحسن الحظ، فإن صناعة الطاقة المتجددة آخذة في الازدهار. وقد ذكرت وزارة الطاقة مؤخراً أن عدد الذين تمّ توظيفهم في الطاقة الشمسية، في العام الماضي، يقرب من ضعف عدد العاملين في مجال الكهرباء المنتجة من الفحم والغاز والنفط مجتمعة.
ففي الأسابيع القليلة الماضية وحدها، سحبت مؤسسات كبرى مثل جامعة جونز هوبكينز، وبنك «آي إن جي»، وشركة التأمين الفرنسية العملاقة «ايه اكس ايه»، استثماراتها من الفحم، وأعلن البنك الدولي أنه لن يستثمر بعد الآن في أي مشروعات للوقود الأحفوري. فبوادر الفشل ماثلة، وانخفاض إنتاج الوقود الأحفوري ضروري ولا بُدّ منه، على نحو متزايد.
هذه هي كل الأخبار السارة بالنسبة للمناخ. ولكننا في حاجة أيضاً إلى خطة لدعم أولئك المستخدمين على الخطوط الأمامية من قطاع الطاقة. ويجب علينا الكفّ عن السماح بأن تكون حياة العمال، من الأضرار الجانبية للقرارات الخاطئة التي تتخذها الشركات.

*باحثة في مبادرة «ذي نيكست سيستم بروجكت» الأمريكية.
موقع: كومون دريمز


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى