عواقب قطع المساعدات الأمريكية عن «الأونروا»
ميتشل بليتنيك *
قرار الإدارة الأمريكية بقطع مساعدات بعشرات ملايين الدولارات عن وكالة «الأونروا» ستكون له نتائج قاسية بالنسبة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين عبر الشرق الأدنى.
في 24 يناير/كانون الثاني، نشرت 22 منظمة إنسانية دولية رسالة مفتوحة إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ناشدتها فيها بإلغاء قرارها قطع المساعدات عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وجاءت الرسالة رداً على القرار الأمريكي بوقف تقديم 65 مليون دولار من أصل 125 مليوناً تساهم بها واشنطن في الميزانية السنوية ل«الأونروا».
وبعد بضعة أيام من هذا القرار، جمدت الولايات المتحدة 25 مليون دولار إضافية كانت مخصصة لإغاثة اللاجئين في غزة والضفة الغربية.
وقالت رسالة المنظمات الإنسانية: «إن أكثر ما يقلقنا هو أن هذا القرار الذي يؤثر في مساعدات إنسانية إلى مدنيين لا يستند إلى أي تقييم لاحتياجات لاجئين، وإنما هو يستهدف معاقبة القادة السياسيين الفلسطينيين وإرغامهم على تقديم تنازلات سياسية. وهذا أمر غير مقبول؛ لأنه يحرم مدنيين من مساعدات إنسانية؛ ولأنه خروج خطر عن سياسة أمريكية بشأن تقديم مساعدات إنسانية دولية».
وادعت وزارة الخارجية الأمريكية أن هذه المساعدات جمدت؛ بسبب القلق بشأن «أسلوب عمل الأونروا». وهذا يعني ضمنياً أن قرار تجميد مساعدات يرتبط بكفاءة «الأونروا» وليس بالتوترات الراهنة بين الإدارة الأمريكية والقيادة الفلسطينية؛ لكن قلائل فقط يقبلون هذا التبرير.
ولا بد من التذكير بأن اليمين «الإسرائيلي» وأنصاره في واشنطن كانوا منذ سنين عديدة يهاجمون «الأونروا» بذريعة أنها تديم أزمة اللاجئين الفلسطينيين – علماً بأن الوكالة هي مؤسسة تقدم مساعدات إنسانية للفلسطينيين تشمل تأمين الغذاء، والسكن، والوظائف والتعليم للاجئين. وهذه حجة قديمة تلقي اللوم على الضحايا؛ لكنها تحظى بتأييد بين «الإسرائيليين»، وأيضاً بين مشرعين أمريكيين.
وجهود «الأونروا» تحرر السلطة الفلسطينية من تأمين التكاليف الضخمة لإغاثة اللاجئين في الضفة الغربية وغزة؛ لكن قطع مساعدات عن «الأونروا» سيؤثر أيضاً في الأعداد الكبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، وسوريا، ولبنان. والقرار الأمريكي بقطع المساعدات عن «الأونروا» يمكن أن يكون له تأثير مدمر على جميع هذه البلدان.
وتشير سارة روي، الباحثة في مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة هارفارد، إلى أن الأردن سيواجه عبئاً لا يستطيع تحمله في حال تعين عليه مساعدة اللاجئين الذين تغيثهم «الأونروا» حالياً. والنتائج يمكن أن قد تكون أكثر خطورة بالنسبة للبنان، الذي يمكن أن يغرق في فوضى إذا تعين عليه فجأة تأمين المساعدات الضرورية لمئات آلاف الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين. وتقول روي: «في سوريا، سيعني توقف خدمات الأونروا التخلي عن أكثر من نصف مليون فلسطيني يائسين، من رجال ونساء وأطفال، في منطقة حرب».
وقد برر الرئيس ترامب قراره بقطع المساعدات بقوله «إننا نقدم إليهم أي لل(فلسطينيين) مئات ملايين الدولارات كمساعدات؛ لكن هذه الأموال لن تذهب إليهم إلا إذا جلسوا إلى طاولة المفاوضات».
وهذا البيان يعني بوضوح أن ترامب يهدد بقطع جميع المساعدات عن الفلسطينيين. والسبب، حسبما قال، هو إنهم «لم يظهروا احتراماً لنا قبل أسبوع برفضهم لقاء نائب رئيسنا». وكان الفلسطينيون، وكذلك جميع القادة المسيحيين في المنطقة إلى جانب كثيرين قد رفضوا الاجتماع مع نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس أثناء زيارته الأخيرة إلى المنطقة؛ بسبب قرار ترامب الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل».
* ناشط أمريكي من أجل السلام في الشرق الأوسط – موقع «لوب لوغ»