قضايا ودراسات

عودة إلى «حل الدولتين»

يونس السيد

«عدنا والعود ليس دائماً أحمد».. فما يصح في العودة للحديث عن «حل الدولتين» لتسوية الصراع الفلسطيني – «الإسرائيلي» يرتبط بما آلت إليه «صفقة القرن»، لكنه أشبه بمن يحاول إعادة الميت إلى الحياة، مع أن الضرب في الميت حرام.
«حل الدولتين» الذي كان محل شبه إجماع دولي، ودفنه ترامب نظرياً لحظة وصوله إلى البيت الأبيض، أو حتى قبل ذلك، ثم أهال عليه التراب مرة أخرى، عملياً، عندما قرر الاعتراف بالقدس عاصمة ل «إسرائيل» ونقل سفارته من «تل أبيب» إليها، يصبح الآن، في جديد ترامب، «الحل الأمثل»، ولكن بعد فوات الأوان. يقول ترامب عقب لقائه نتنياهو في نيويورك، إن «صفقة القرن» تسير بشكل جيد جداً، وإنه في غضون شهرين أو ثلاثة سيتم الإعلان عنها، معرباً عن قناعته بأن الفلسطينيين سيعودون إلى المفاوضات، ويشير إلى أن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة ل «إسرائيل» ونقل السفارة، كان المقدمة الضرورية لها، ثم يطالب نتنياهو بتقديم «شيء» للفلسطينيين، مؤكداً دعمه الكامل بنسبة 100 في المئة ل «إسرائيل»، فيما يرد نتنياهو بأنه حتى في هذه الحال، فإن الولايات المتحدة موافقة على بقاء السيطرة الأمنية ل «إسرائيل» بين غربي نهر الأردن والبحر المتوسط.
السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا بقي أصلاً من «حل الدولتين» ليعاد حقنه بإكسير الحياة، ويقفز إلى طاولة البحث، وهل ننتظر تفاصيل «صفقة القرن» لنعرف مصير الوحدة الجغرافية التي تربط جناحي الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو مصير الضفة الغربية نفسها التي تقطّعت إلى أشلاء، شمالها وجنوبها ووسطها، ناهيك عن القدس، فيما يقوم الاحتلال بقطع آخر الخيوط الالتفافية التي يمكن أن توصلها ببعضها بعضاً في الخان الأحمر. قد يكون ترامب محقاً في تخمينه أن هناك من الفلسطينيين من يرغب في العودة إلى المفاوضات، لأنه ببساطة لا يملك غير ذلك، ولكن هذا البعض الفلسطيني لن يجد أمامه سوى اتفاق جاهز، كل خطوطه ومعالمه الرئيسية رسمت سلفاً، وما عليه إلا أن يوقّع على هذه «المحمية» التي لن تختلف كثيراً عن السلطة الحالية الناجمة عن اتفاق أوسلو، حتى وإن حملت يافطة «دولة». باختصار، تبدو معالم «حل الدولتين» الجديدة، أكثر من واضحة، فهي ستكون ناقصة السيادة ومقيدة أمنياً بالحماية «الإسرائيلية» وبلا قدس، حيث من المرجح أن يعود خيار «أبو ديس» إلى الواجهة، ناهيك عن الاقتصاد الذي سيبقى مرتبطاً وتابعاً للاحتلال، وكذلك المياه وغيرها مما يسمى «قضايا الوضع النهائي». وكل ذلك مقابل ماذا.. تصفية القضية الفلسطينية تصفية نهائية، بما في ذلك قضية اللاجئين وحق العودة وكافة الحقوق الوطنية المشروعة للفلسطينيين في أرضهم ووطنهم. هل نحن إذاً أمام حكم ذاتي مقنّع بترويسة الدولة، أو أمام بلدية تابعة للاحتلال؟.. لا فرق، لأن كل الحلول التي لا تؤدي إلى نيل الشعب الفلسطيني حقه في الحرية والاستقلال الحقيقيين لن يكتب لها النجاح.
لكن الشعب الفلسطيني مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بعدم الارتهان إلى قياداته ولا حتى إلى فصائله ، والبحث عن بدائل أخرى قادرة على إنعاش المقاومة من جديد، باعتباره الطريق الوحيد لنيل الحرية والاستقلال.

younis898@yahoo.com

زر الذهاب إلى الأعلى