قضايا ودراسات

فائض الندم

خيري منصور

هل ثمة متسع لمزيد من التآكل العربي الذي تتضاعف خسائره مرات ومرات؟ وهل هناك أمة ادّعت في التاريخ أنها تعاني فائض الدم والطاقة؟
لم يعد بإمكان ناشط سياسي أو أكاديمي خداع طفل في هذا النطاق؛ لأن نشرات الأخبار مستمرة وعلى مدار اللحظة، ومن يركن إلى من ينوب عنه حتى لو كان الأصغر سناً؛ فإن المفاضلة بين الاعتماد على النفس بمعزل عن المعرفة والوعي أمر لا قيمة له، ونحن لا ندري لماذا يقلل بعض الناس من الخبرة لصالح اعترافات نظرية، فالامتحان في النهاية ميداني؛ لكن انسياق البشر وراء أي بريق في هذه الأيام يصيب الناس بالعمى الاندهاشي المؤقت!
وبما أن العالم يتغير ولا يدوم فيه شيء على حال، فإن ما كان صالحاً بالغد لن يغدو كذلك بعد أيام وأسابيع، والمعرفة ليست تراكماً فقط؛ بل هي تصحيح لمسارات ما كان لها أن تُمتحن لو أنها بقيت طي الأدراج. وهناك ملاحظة بدأت تطفو بتفاوت من خلال مقاربات سياسية واجتماعية منها ما يقال عن التكرار في تشخيصات وسجالات، فهل يعني ذلك أن المريض الذي فقد أمنه العلاجي أن يتوقف أم يبدل العلاج أم يكرره؛ لكن بعد انقطاع يحدده الطبيب؟
وهناك حكاية تروى عن دواء سحري يؤدي التداوي به إلى عودة الشباب شرط أن تكون الجرعات عالية، ويعود ابن السبعين إلى العشرين. ونذكر أن الناس كانوا حتى وقت قريب أشد اهتماماً بصحتهم من استعادة مظاهر الشباب، التي قد تكون شيخوخة مموهة. ومن الواضح أننا أصبحنا نعيش زمناً يتفوق فيه الشكلي على الجوهري والعابر على المقيم!

khairi_mansour@yahoo.com

زر الذهاب إلى الأعلى