فخ السلام بلا مقابل
عبد اللطيف الزبيدي
هل نحن أهل للحوار الهادئ؟ هل «إسرائيل» قادرة على قبول السلام؟ لكن، ما هو مفهوم السلام عندها؟ هل يمكن أن تقنع بأقل من تسوية كل ما حولها بالأرض، وتصفية القضية الفلسطينية، والاستيلاء بغير حق على الأرض والمياه ومصادر الطاقة؟ هل يحتاج السلام إلى كل هذا الدمار والإبادة؟ على نُحاتنا تطوير النحو مواكبة للعصر العربي. صحيح أننا فهمنا بعد أربعة عشر قرناً من تنشئة الأجيال على «ضرب زيد عمراً»، أن القصة نبوءة نوستراداموسية بالفتن العربية، لكننا منذ ما قبل قرار التقسيم نشهد تغيراً جوهرياً: «ضرب كوهين زيداً وعمراً»، ولا يكتفي بمفعولين.
هب الأنظمة العربية قبلت بالتطبيع، لكون استفتاء الشعوب غير مفكَر فيه في النظام العربي، فهل يعني التطبيع محو سبعين سنة من المآسي من ذاكرة الفلسطينيين والعرب؟ لماذا لم ينس اليهود المحرقة؟ ما نخشاه هو توتير علاقة القاعدة بالقمة عربياً.
ما هي الحلول المعقولة التي تعرضها «إسرائيل»؟ هي تريد دولة يهودية ليس فيها عرب، أن تحل مشكلات الشتات الفلسطيني بإيجاد مكان لهم في أي رقعة عربية، أن تُفتح لها أبواب التبادل التجاري والأسواق والسياحة وغيرها، ولكنها لم تقل شيئاً عن مصير شعب سينقل من تشريد إلى آخر، فلن يشعر بالاستقرار حتى ولو كان في أرض عربية بين أشقائه؛ لأن له أرضاً ووطناً منذ آلاف السنين. الحنين إلى تراب الآباء والأجداد ليس رومانسية شعرية، وإنما هو قضية حق وجودي. لماذا لفّق اليهود سيناريو أرض المعاد؟ ولماذا يتذكرون خيبر؟ مؤرخهم شلومو صاند، يرد خرافة تشريدهم في كتابه: «كيف اختُرع الشعب اليهودي».
ما كان العرب بطالبي حرب. «إسرائيل» هي التي أرادت، كما أراد لها زارعوها وحماتها، أن تتفوق على كل الدول العربية مجتمعة، عسكرياً. وها هي العاقبة اللعينة التي وصلت إليها المنطقة بكاملها، أن صارت الأرض العربية موضع تصفية حسابات تتهدد الكوكب بحرب عالمية. باتت المعضلات الدولية منحصرة في أتون الشرق الأوسط، وغدت الحلول الممكنة هي شرارة الكوارث المستقبلية. لم يأت أي عبقري ليُقنعنا، وبراءة الأطفال في عيوننا، بأن الحل الوحيد هو أن يكون السلام على حساب الفلسطينيين والعرب، شعوباً وأوطاناً وسيادة وكرامة، فلقد خُلقوا ليطبعوا رغم الأنف من دون كيف ولماذا، مقابل أن تنعم دولة الاحتلال بالسلام واقفة مثل «بول بوت» الكمبودي على الجماجم.
لزوم ما يلزم: النتيجة الحربية: غرور دوام الانتصار هو أخطر فخاخ الهزيمة.
abuzzabaed@gmail.com