«فيسبوك» والتعامل مع أزماتها
شيرا أوفايد *
منذ وقت ليس ببعيد، نشأت فكرة ارتبطت مباشرة بشركة «فيسبوك» حول الأزمات، التي ظلت تعانيها خلال الفترة الماضية، وتمحورت حول إخفاقاتها في مواجهة البروباجندا الأجنبية على شبكتها الاجتماعية، والمعلومات والأخبار الزائفة وحماية خصوصية البيانات، وكلها كانت قضايا مشتركة بين جميع منصات التواصل الاجتماعي؛ لكن المشكلة الكبرى هي أن قادة «فيسبوك» كانوا أكثر ثقة وتفاؤلاً حيال عدم قدرة أطراف خارجية على استغلال شبكتهم بطريقة تمثل خطراً كبيراً على المستوى الاجتماعي والسياسي أيضاً.
ورغم كل محاولات قادة «فيسبوك» التملص من المشاكل، التي أحدثوها، فإن «نيويورك تايمز» نشرت مؤخراً مقالاً فسرت فيه بشكل واضح المشاكل، التي تعانيها المنصة في التعامل مع مشاكلها، وتتمثل المعضلة الأكبر في أن هنالك فشلاً ذريعاً في الإدارة، وهنا نقصد الإدارة العليا المتمثلة في زوكربيرج وشيريل ساندبرج، رغم اعتذارهم مراراً وتكراراً عما أسهمت فيه منصتهم من كوارث وتحملهم المسؤولية، ورغم ذلك فإنهما لم يعترفا حتى الآن بإنشائهما لعملاق أصبح من الصعب السيطرة عليه تماماً.
من الواضح جداً أن «فيسبوك» لا ولن تستطيع دحض الجوهر الأساسي، الذي أشارت إليه «نيويورك تايمز» في مقالها؛ وذلك على الرغم من التكتيكات المتنوعة، التي حاولت اتباعها خلال العامين الماضيين، مرة بتجاهل المشكلة، ومرة بالتقليل من حجمها أو التعامل معها بتعالٍ شديد، انتهاء بالاعتراف بها، وعدم إيجاد الحلول، التي يمكن أن تحل تلك المشاكل نهائياً، وعندما أجبرت الشركة على مواجهة المشاكل، التي تسببت فيها خلال الفترة الماضية، فإنها تعاملت معها بطريقة غريبة جداً توحي للمراقب أنه ليست هنالك نية للتعامل الجاد؛ بل التركيز بشكل أكبر على العائدات، التي تحققها من المصادر، التي خلقت أساساً تلك المشاكل.
ورغم أن زوكربيرج أسس المنصة الأكثر تطوراً من حيث أدوات الاتصال والمعلومات، وأحد أفضل نماذج الأعمال التقنية إن لم يكن أفضلها على الإطلاق، إلا أنه أيضاً لم يتمكن من إيجاد الحلول المقابلة لذلك التطور الكبير، وأعتقد لوهلة أن السير نحو الأمام لن تعيقه أي عقبات، فحتى وإن كانت هنالك أية مشاكل، فإن رسوخ الشركة يمكن أن يزيل تلك المعضلات.
بدأت أشك مؤخراً في أن قادة «فيسبوك» يعرفون تماماً ما يجب فعله، أو أنهم في الحقيقة لا يدركون حجم الكوارث، التي يحدثونها في مجتمعات اليوم، وفي الحالتين، فإنهم يتحملون المسؤولية، ليست المسؤولية، التي تحملها زوكربيرج وغيره؛ بل التي توجب العمل على حلها بشكل جذري حتى وإن كلف ذلك الشركة التخلي عن بعض إيراداتها المليارية لبرهة من الزمن.
* بلومبيرج