قانون اللغة العربية

إبراهيم الهاشمي
قبل مدة قصيرة أُعلن عن تسلم المجلس الوطني الاتحادي لرسالة حكومية رسمية حول قبول مجلس الوزراء توصية برلمانية بإصدار قانون اتحادي لحماية اللغة العربية، يلزم المؤسسات الاتحادية والمحلية والخاصة باستخدام اللغة العربية تحدثاً وكتابة، وكان من فحوى الرسالة إصدار مجلس الوزراء توجيهات للجهات المعنية بتعزيز اللغة العربية كلغة أولى بمؤسسات التعليم العالي في الدولة.
بالطبع هذا خبر مفرح بكل ما تحتويه الكلمة من معنى، وشيء طال انتظاره، فكلنا يرى ويسمع ما تتعرض له اللغة العربية من تشويه وإجحاف وتجاهل، فجلّ شركات القطاع الخاص خصوصاً العقارية منها لا تسمي مشاريعها إلا بأسماء أجنبية لا تمت للغة العربية بصلة، بحجة التسويق والترويج، بالرغم من أنها قبل ذلك كانت تسمي مشاريعها بأسماء عربية صرفة وتحقق نسب تسويق عالية جداً، مما يدحض تلك الحجج، وذلك بالطبع ما سينعكس على تسمية المناطق ومن ثم الشوارع، وهذا ما هو ظاهر للعيان حالياً، ويشكل علامة استفهام في دولة تدعم اللغة العربية، بل هناك جائزة مخصصة لها، أما حجة التعليم باللغة الانجليزية، وأنه مواكبة للعصر، فما هي إلا مطية أراد مروجو تلك الفعلة اجتراحها لتبرير المصيبة التي ألحقوها بالعلم والتعليم، ولو أننا فقط تابعنا الدول المتطورة مثل اليابان والصين وكوريا وألمانيا وغيرها من الدول المتميزة تعليمياً لوجدناها لا تعلم إلا بلغتها الأم، ولم نجد من يتنطع داعياً لتغيير لغة العلم لديهم.
نعاني حالياً في غالب مؤسساتنا الحكومية والمحلية والخاصة غلبة اللغة الانجليزية على جل فعاليات العمل اليومي ومراسلاته، ووصل ذلك حتى لفعاليات الجهات ولغة الخطاب في مؤتمراتها، مع تغييب للغة العربية أو استخدامها على استحياء، ولو طبق المشروع تطبيقاً عملياً للمادة 2 من الأحكام العامة في الباب الأول من قانون تنظيم علاقات العمل الإماراتي الاتحادي رقم 8 لسنة 1980 ونصها «اللغة العربية هي اللغة الواجبة في الاستعمال بالنسبة إلى جميع السجلات والعقود والملفات والبيانات وغيرها مما هو منصوص عليه في هذا القانون أو في أي قرار أو لائحة تصدر تطبيقاً لأحكامه، كما تكون اللغة العربية واجبة الاستعمال في التعليمات والتعميمات التي يصدرها صاحب العمل لعماله».
وفي حالة استعمال صاحب العمل لغة أجنبية إلى جانب اللغة العربية يعتبر النص العربي هو النص المعتمد، لأراح واستراح، بل ساهم في تغيير التركيبة العمالية التي نعاني غلبة الأجانب عليها لصالح العرب، هذا القانون قائم منذ 38 عاماً، لكنه غير مفعل، بل مغيب، لو أعيد له الاعتبار ونفذ بشكل جيد وإيجابي وفعال لما وجدنا أنفسنا نعاني ما نعانيه على جميع الأصعدة من تغريب لغوي ووجداني، ولحل الكثير من سلبيات الكثافة العمالية الأجنبية وغلبتها على العنصر العربي، مما أثر بشكل فاحش على التركيبة السكانية ودفع الكثير من المؤسسات والجهات، الحكومية والخاصة لتغليب اللغة الانجليزية في معاملاتها ومخاطباتها ودفع الجهات التعليمية مواكبة لذلك لاعتماد الانجليزية لغة للتعلم، ودفع الشركات الخاصة لتسمية المشاريع والمناطق بمسميات تعمق الغربة والتغريب.
نرجو أن يرى هذا القانون النور، والأهم من صدوره هو تطبيقه سريعاً، فلغتنا العربية في خطر، و كياننا في خطر.
ibrahimroh@yahoo.com