قصة الشهيد سلطان الكتبي
خليفة بن حامد
في 13 من ديسمبر قبل عامين، كان الخبر والقدر الذي ليس منه مفر إيمان وقناعاتنا نحن البشر، استشهد رفيق الدرب والأخ والصديق سلطان شهيد الوطن والواجب من أجل الأمن والأمان وتحقيق العدالة وإعادة الشرعية للإنسان باليمن، رحل الشهيد وفي القلب والعقل ذكريات وحكايات المجد العتيد، بينما على وقع الخبر تحجرت الدموع في المقل حزناً وألماً من الفراق، لكنها شهادة سطرت في صفحات التاريخ العز والفخر والبطولات، وشرف لا يدانيه أي شرف، شهادة هي وسام على صدر أسرته وأهل الإمارات.
كان سلطان نِعم الصديق والأخ، لقد رافقني منذ المرحلة الابتدائية في أواخر السبعينات، كانت فرحتنا غامرة عندما فتحت أعيننا على مدرسة جديدة في الذيد، كانت كبيرة مترامية الأطراف تحمل كل الصفوف من الأول الابتدائي حتى الثالث الثانوي، ونحن صغار لأول مرة نترك أهلنا لهذه الفترة التي لم نعتد عليها، كنّا نحو عشرين طالباً في الفصل الواحد من شتى الإمكان من الذيد والقرى التي تجاورها، لقد سردت المدرسة وسيارات النقل قصصاً كنّا نتسامر عليها في الفسحة، كان الشهيد صديق الجميع وله حضور في الفصل مميز بـ «قفشاته» وقلبه المرح، محبوباً من كل المدرسة والكل يعرفه.
كان آخر لقاء لي بالشهيد قبل توجهه إلى اليمن، ووعدني يومها بأنه فور عودته من السفر سيدعو جميع أصدقاء الدراسة لاستعادة ذكريات الطفولة والدراسة، إلا أن الله اختاره للشهادة، فأضحينا نحن من نستعيد ذكرياته الطيبة ومواقفه المؤثرة معنا.
عندما كنّا نستلم الشهادات الدراسية في الفصل، كل واحد منا يخفي شهادته عن الآخر، 12 عاماً لا تفرقنا اللقاءات والصفوف والجلوس وحكايات المدرسة نحكيها بصفاء النفوس. شوق وحنين وقلب تكسر مازلت أجمع بقاياه وصورتك تنعكس في كل جانب منه، بالعبرات استذكر كل اللحظات منذ الطفولة وحتى ساعة فراقك أيها الشهيد، أسترق زيارتك وعلى قبرك أحكي لك الحكاية منذ البداية عام 1971 عندما ولدنا أنت وأنا يوم أعلن الاتحاد وقامت الإمارات إلى أن رحلت وقد أكملت بلادنا 46 عاماً بالتمام والكمال وهو عيد ميلادك وميلادي وميلاد الوطن الذي ضحيت بروحك الطاهرة من أجله، رحمك الله يا شهيد الوطن العقيد سلطان بن محمد بن هويدن الكتبي.