قفزة أخرى مدوية للبشرية
شيماء المرزوقي
من أهم المعضلات والمشكلات التي تواجهها البشرية منذ الأزل وحتى يومنا هذا، هو توفر مصادر من المياه الصالحة للشرب وللاستهلاك الآدمي في مختلف الاستخدامات. ونعرف أن هناك جفافاً وعطشاً يجتاحان العالم برمته، وضحايا قلة الموارد المائية ثلث سكان العالم وهم في تزايد. ومع التطور والتوسع العمراني باتت مشكلة تلوث المياه واقعاً ومعها ظهر الكثير من الأمراض الفتاكة، ورغم قلة المياه هناك نزف واستهلاك غير اعتيادي لها، وكثير من الناس لا يعرفون التكلفة المادية لإنشاء محطات تحلية مياه البحر، ويجهلون أيضاً تكلفتها البيئية، فمعظم محطات تحلية مياه البحر تنفث أدخنة سامة في السماء وهي في دورة عمل مستمرة لا تتوقف من أجل سد الطلب المتزايد على المياه في المدن والتي يتزايد عدد السكان فيها يومياً.
ورغم أن الكرة الأرضية مغمورة بنحو 70% من المياه إلا أنها مياه مالحة أو غير صالحة للشرب، لذا كثيرون يقولون إن هذا المجال من المجالات التي لم يهتم العلماء بها، فلم توجد مخترعات ولا مبتكرات لتقدم حلولاً في كيفية جعل مياه البحار صالحة للشرب وللاستهلاك البشري، فالتقنيات تتطور في مختلف المجالات، والمخترعات الجديدة لا تتوقف من الفضاء إلى الطب والفيزياء وغيرها كثير، إلا مجال تحلية المياه المالحة، لا نسمع شيئاً جوهرياً ولا مبتكراً حديثاً يتواكب مع هذه الحاجة الماسة التي هي موجودة في كل مجتمع من المجتمعات البشرية، لكن هذا لا يعني أن العلماء وقفوا مكتوفي الأيدي، هناك جهود وهناك عمل حثيث لمحاولة إيجاد تقنيات تساعد في تحلية مياه البحر بتكلفة أقل وبسرعة ومرونة أكبر.
من هذه الجهود ما قام به علماء في أستراليا من ابتكار مرشح جعل مياه البحر صالحة للشرب بعد عبور واحد فقط للمياه من خلاله، وهو أيضاً ينقي المياه الملوثة ويجعلها صالحة للشرب، وحسب الموقع العلمي: www.sciencealert.com فإن هذا يتم باستخدام نوعٍ من الجرافين حيث يتم صنعه كمرشح للمياه، بإمكانه تحويل مياه البحر لمياه صالحةً للشرب لأنه قادر على حجز الملوحة وأي ملوثات أخرى. وقال رئيس الفريق العلمي دونج هان سيو: «وجدنا في الجرافين مرشّحاً مثاليّاً لتنقية المياه، إذ يمكن أن تُستبْدَل العمليّات المعقّدة والتي تأخذ وقتاً طويلاً، والكثير من المراحل بخطوة واحدة فقط».
ولكم أن تتخيلوا أنه يمكننا استخدام مياه البحر للشرب وللزراعة بواسطة جهاز صغير تكلفته المادية متدنية، لذلك يؤكد سيو أنه لو قدر وحدث هذا فإنها قفزة مدوية أخرى للبشرية نحو الرفاه والرخاء.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com