مقالات عامة

قمة إفريقية معززة

فيصل عابدون

على عكس الاجتماعات السنوية التقليدية السابقة التي لم تكن تترك خلفها أثراً يذكر، حققت قمة الاتحاد الإفريقي الثلاثون في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، نجاحاً لافتاً وغير مسبوق للسياسة والقيادة يمكن اعتباره دون أي مبالغات معياراً لإفريقيا الجديدة، تلك القارة التي تصارع لتخطي مشكلاتها العميقة الجذور والشديدة التعقيد وتتطلع للخروج إلى العالم.
لقد جذبت القمة الإفريقية الاهتمام والاحترام العالمي الذي تستحقه. وتصادف أن اجتماعات القمة تزامنت مع الفوضى التي تسبب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بها حول مدينة القدس المحتلة وأيضاً مع الضجة التي أثارتها تصريحاته المسيئة عن قادة إفريقيا وشعوبها، وسارع ترامب إلى التقرب إلى قادة القمة برسالة أكد فيها احترامه واهتمامه باستمرار الشراكة مع القارة وقادتها.
ووفرت القمة منصة عالمية لنصرة القدس الشريف في مواجهة الاحتلال ومحاولات التهويد، وأكدت الالتزام الإفريقي الثابت بدعم قضية الشعب الفلسطيني حتى قيام دولته المستقلة. لكن المصادفة في تزامن الأحداث لم تكن هي مصدر النجاح الأساسي لهذه القمة الاستثنائية الفريدة.
فقد ناقشت القمة بشفافية ووضوح المشكلات المستعصية التي تعرقل تقدم القارة وتكرس تخلفها عن بقية العالم.. فتحت ملفات الفساد الذي يسميه الرئيس النيجيري محمد بوخاري أكبر الشرور التي تنخر عظام إفريقيا، حيث تشير الدراسات إلى أنه يلتهم أكثر من 50 مليار دولار سنوياً من موازنات الدول الإفريقية. ونسبة لضخامة وجسامة أضراره وضرورة مواجهة آثاره، اختارت القمة عبارة الانتصار في معركة مكافحة الفساد شعاراً لها. كما ناقش الزعماء قضايا الإرهاب والهجرة والنزاعات المسلحة.
ومن أبرز الملفات التي ناقشها الزعماء أجندة 2063، الهادفة إلى تحقيق شعار إفريقيا تسودها الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والعدالة وسيادة القانون، والسلام والأمن والرخاء. وهي تتضمن خططاً لربط دول القارة عبر بنية تحتية ذات مستوى عالمي في قطاعات النقل والطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وجرت أعمال القمة بغياب بعض الزعماء وفي طليعتهم رئيس زيمبابوي السابق روبيرت موغابي الذي أجبره الجيش على الاستقالة وغابت معه بعض أجواء الفكاهة والمرح في كواليس القمة. كما غاب عن القمة رئيس غامبيا السابق المثير للجدل يحيى جامع بعد خسارته للانتخابات وإجباره على التنحي عن السلطة واعتذر عن الحضور رئيس جمهورية مالي بسبب الهجمات الإرهابية المتكررة في بلاده، بينما شكل وجود الرئيس الليبيري الجديد ونجم الكرة العالمي جورج ويا حضوراً لافتاً في أعمال القمة. ومن بين الحضور أيضاً الرئيس النيجيري محمد بوخاري الذي غاب عن عدد من الاجتماعات السابقة بسبب ظروفه الصحية، وكان لافتاً أيضاً حضور رئيسين نيجيريين سابقين مع بخاري هما اوباسانجو والجنرال عبد السلام أبوبكر وهي ظاهرة نادرة في الحياة السياسية الإفريقية.

Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى