قضايا ودراسات

قمة الأرجنتين

صادق ناشر

انتهت يوم أمس اجتماعات قمة مجموعة ال 20 في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، التي جمعت زعامات دول متباينة المواقف والأجندات، خاصة أنها جاءت في ظرف صعب، تدخل معها العلاقات الدولية منعرجاً خطيراً خاصة لجهة التوتر الحاصل بين دول المجموعة، وهي الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي، مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا والقارة الأوروبية، وهو التوتر الذي عكس نفسه في الاجتماعات واللقاءات التي عقدها رؤساء هذه الدول، سواء بشكل ثنائي أو بشكل جماعي.
كان اليوم الأول من اجتماعات القمة فاتراً، إذ لم يشهد سوى مصافحات الرؤساء ومجاملة بعضهم البعض، حتى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يعط لمستضيف القمة الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري ما يستحقه من التكريم، لخلافات دبت بين الجانبين قبل انطلاق القمة، وفشل ماكري في إبقاء ترامب إلى جانبه عند استقباله لالتقاط الصور في المنصة مع رؤساء آخرين، ما أضفى على القمة توتراً إضافياً.
كانت الجلسة الافتتاحية مقتضبة ألقى فيها رئيس الأرجنتين كلمة أشار فيها إلى أنه سيتم في القمة بحث قضايا المناخ والبنى التحتية والاستدامة المالية، مضيفاً أنه ينبغي احترام الاختلافات وحل النزاعات بالحوار وبالطرق السلمية ومراعاة المصالح المشتركة بين البلدان مختلفة التوجهات، كما اعتبر أن الحوار وحده سيجعل المجتمعات الدولية تمضي قدماً بالرغم من أن لكل دولة اختياراتها ومصالحها، وأن جوهر القمة تكمن في احترام الاختلافات وتعزيز الحوار، لأن التحديات العالمية بحاجة إلى حلول حقيقية.
لأول مرة في لقاءات مجموعة العشرين نشهد مثل هذا التنافر في المواقف بين الرؤساء، فقد جاء كل رئيس دولة وفي جعبته الكثير ليقوله للطرف الآخر، وبالذات رؤساء أكبر ثلاثة بلدان تأثيراً في العالم، وهم: الأمريكي دونالد ترامب والصيني شي جين بينج والروسي فلاديمير بوتين، فقد سبق القمة بساعات إعلان إلغاء اللقاء الذي كان مفترضاً أن ينعقد بين الرئيسين الأمريكي والروسي على خلفية الأزمة القائمة بين روسيا وأوكرانيا، فيما يبقى مستقبل العلاقة بين واشنطن وبكين غامضاً في ظل حرب الرسوم القائمة بينهما.
غلب الفتور إذاً مشهد القمة في بيونس آيرس، التي تعد الأولى في أمريكا اللاتينية التي تستضيف قمة مجموعة العشرين منذ تأسيسها عام 1999، لكن الرهان يبقى على النتائج التي ستتمخض عنها الاجتماعات في نهاية اليوم الثاني والأخير من القمة، لكن الواضح في المشهد أن زعماء العالم جاؤوا وهم يدركون صعوبة التوافق على القضايا الخلافية، خاصة ما يتصل بحرب الرسوم التجارية وقضية المناخ والأزمات المتفاقمة جراء النزاعات الجانبية بين الدول، وغيرها من النزاعات في العالم، غير أن الأسوأ في هذه القمة أن الدبلوماسية عجزت عن دفن الخلافات بين الدول، بل وأظهرتها على السطح أكثر من أي وقت مضى.

Sadeqnasher8@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى