كن هديتها
مارلين سلوم
غداً يزهر الربيع مجدداً في الأرض، أما ربيعك أنت فيزهر كل صباح وتتفتح وروده على وجنتيك.
غداً يعلنون ولادة الربيع موسماً عابراً في روزنامة العام، ويبقى ربيعك فصلنا الأبدي الذي يشرق فرحاً وعطاء وأملاً وعنفواناً ويظلل علينا صيفاً وخريفاً وشتاءً.
غداً يحتفل العالم بك، وأنت العالم بأسره. ينشد الصغار ويردد الكبار، والكل مشغول بالتكريم والثناء، بينما أنت مشغولة بالنظر في عيني صغارك، إذا لمعت رقص قلبك، وإن أدمعت بكى فؤادك.
مهمومة بالتفاصيل، ماذا يفعلون وماذا يلبسون، ماذا يأكلون ومتى يعودون؟ أهل بيتك هم كل عالمك، والعالم ملك يديك وبين أناملك تغزلين مستقبله وتشكلين أبناءه.
الاحتفال بيوم الأم هو احتفال بينابيع الحياة التي تفيض عطاء ولا تجف، تروي الظمأ وتنعش النفوس. وهو احتفال كل إنسان بما هو عليه اليوم وبطفولته ونشأته وماضيه وحاضره وغده.
كل إنسان ينظر إلى مرآته فيجد أمه فيه. هو زهرتها التي نبتت وكبرت فصارت بدورها شجرة. هو ثمرتها التي نضجت، فاح طيبها وآن أوان قطافها لتعطي ثماراً جديدة وينمو الزرع في أرض أخرى.
هل أوفيت أمك حقها بتقديم أفضل صورة عنها للآخرين؟ أنت صورتها، أنت جنى عمرها، أنت الليالي التي سهرتها وهي تحارب النوم كي لا يغافلها فيسرق عينيها في غفوة يرتاح بدنها فيها، بينما أنت تئن من مرض أو تذاكر لامتحان أو حتى تستمتع بالسهر خارج المنزل.
هل أوفيتها قدرها بإعلاء قدرك لتتباهى أمام الناس بأنك ابنها؟ فهي لم تر نفسها يوماً إلا الظل الذي يرافقك، المقعد الذي يريحك، كتاب المعلومات الذي يسعفك، الباحث الذي يطور نفسه ليواكب علمك ومعرفتك، العقل الذي يستنير ويتعلم باستمرار ليصبح موسوعة جاهزة لدعمك، هي من يسبقك في الخيال والإحساس إلى الامتحان ويجلس معك ويجيب ويحل ويزيل الصعاب من أمامك..
هل أوفيتها حقها بأن تكون خير مثال للإنسان على الأرض؟ هل جعلت الآخرين يقولون لها شكراً، لقد أحسنت التربية وها هي ثمرتك تعطي الخير والحب والجمال وتشع لكل من يحيط بها؟ عد بذاكرتك إلى الوراء، يوم كنت تعدّ الأيام بغير صبر، ف 21 مارس يبدو بعيداً جداً وقلبك يفيض بالمشاعر، لا تعرف كيف تضبطها ولا كيف تكتم أسرارك. كل وردة ترسمها وكل كلمة تكتبها وكل ورقة تدسها تحت وسادتك هي أجمل الهدايا والرموز التي علقت في ذاكرة أمك.
الأرض كلها تزهر غداً تكريماً لها، فكن أنت هديتها التي تزهر خيراً في الأرض.
marlynsalloum@gmail.com