مقالات عامة

كيف نعالج إدمان الهواتف؟

مارك لوينستاين *

توالت الدعوات التي تطالب شركات التكنولوجيا الكبرى خصوصاً مصنعي الهواتف الذكية خلال الفترة الماضية بإيجاد حلول فاعلة لمشكلة إدمان الهواتف الذكية، والتي أصبحت اليوم ظاهرة يجب التعامل معها بجدية شديدة. فلنعترف أولاً أننا أصبحنا مدمنين على تلك الهواتف بطريقة أو بأخرى، وأنا اليوم لا أكتب لكي أوجه اللوم إلى شخص ما أو جهة ما بعينها، وأعتقد شخصياً أن ما يتحمله منتجو الهواتف الذكية وشركات التكنولوجيا جزء صغير جداً من المسؤولية.
إن حل هذه المعضلة التي أصبحت ظاهرة عالمية لا يتطلب رفع دعاوى قانونية أو إصدار قوانين وتشريعات جديدة، بل إن استخدامنا الشخصي لها هو المقياس الحقيقي الذي يجب علينا جميعاً الانتباه إليه، بحيث تكون المبادرة من جانبنا أولاً كمستخدمين، ويتم ذلك من خلال اتخاذ خطوات تتضمن أولاً أن نعترف صراحة أننا نواجه مشكلة، فالكثير منا يقر بأنه يستغرق أوقاتاً طويلة أمام شاشة الهاتف الذكي، الأمر الذي اعتبره متنافياً مع إنسانيتنا وتواصلنا مع بعضنا بعضاً، وأصبح من الطبيعي جداً فتح هواتفنا والاستغراق فيها خلال محادثاتنا مع بعضنا بعضاً، وخلال الوجبات التي نتناولها وحتى الأفلام التي ندفع لنشاهدها، فضلاً عن أننا أصبحنا نتأخر كثيراً في إنجاز أعمالنا بالسرعة الكافية بسبب أننا دوماً ما نرفع هواتفنا لنرى ما الجديد بين الفينة والأخرى.
وفي ذلك، يجب على قطاع التكنولوجيا أن يتحمل مسؤوليته أيضاً، وهو الحديث الذي أوجهه إلى كل من آبل وسامسونج وغيرهما من المنتجين، الذين طوروا منتجات تعزز من السلوكيات الإدمانية. إنني لست قلقاً من الاستخدام «الاستبدالي» مثل قراءة الكتب الإلكترونية، بل إنني قلق من التطبيقات والبرامج التي أصبحت لا تعطي الإنسان أية مساحة للتفكير فيما يجب القيام به في الحقيقة. هذه المشكلة فعلياً يمكن حلها، وهي تتطلب اتخاذ إجراءات فورية على المستوى الفردي وتعديل سلوكنا في استخدام تلك النظم.
أولى الخطوات التي يجب على المستخدمين اتخاذها هي البدء في اتخاذ قرار جديد بتقليل الوقت المستغرق في الهواتف الذكية، ومنع النفس من محاولة استخدام الهاتف في كل وقت يشعر فيه المستخدم أنه يحتاج لأن يرى هاتفه، وفرض بعض القوانين الشخصية في ذلك. أما من جانب شركات التكنولوجيا ومصنعي الهواتف، فيجب عليهم أولاً إنتاج برامج وتطبيقات تمكن المستخدم من عدم الوقوع في فخ الإدمان، وتطوير تنبيهات أكثر ذكاء تركز على أهم الأنشطة التي يجب أن يقوم بها المستخدم على جهازه، إضافة إلى التركيز بشكل أكبر على البرامج التعليمية والتثقيفية.

* تك أوبنيان

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى