كيف نوقف صناعة المشاهير من السفهاء والأغبياء
محمد القبيسي
كثرت في الآونة الأخيرة المقالات والتغريدات والتعليقات التي تطالب بوقف صناعة المشاهير من السفهاء والأغبياء، ذلك أن غالبية هؤلاء من الشخصيات المثيرة للجدل، بل والمثيرة للاشمئزاز أحياناً كثيرة، فتراهم يشجعون على ممارسة السلوكيات التافهة من خلال حركاتهم الجسدية أو طريقة كلامهم، وأصبح ظهورهم على منصات التواصل الاجتماعي نوعاً من التلوث الثقافي والانحطاط الفكري، حتى بات بعض الأشخاص يسارع إلى أخذ أو مصادرة هاتف ابنته أو ابنه لمجرد مشاهدة أحد أولئك المشاهير بقصد أو بمحض الصدفة، خوفاً من أن يلتقط كلمة ما أو يتقمَّص حركة معينة تصدر عنهم وتبدو عادية بالنسبة له، لكنها يمكن أن تؤثر سلباً على سلوكه في المستقبل.
ورغم كل هذه النداءات والمطالبات من أغلب شرائح المجتمع “أستشهد هنا بقول الشاعر عمرو بن معد الزبيدي: “أسمعت إذ ناديت حيَّاً ولكن لا حياة لمن تنادي” نجد أن هناك مؤسسات وشركات وجهات خدمية تستعين بأولئك المشاهير للنشر أو للإعلان عن خدماتهم ومنتجاتهم، متَّخذين الشهرة وحجة الانتشار السريع للإعلان ووصوله إلى نطاق أوسع جماهيرياً مبرراً للاستعانة بهم، وهو عذر أقبح من ذنب، حيث يتوجهون إلى فئة مجتمعية صغيرة لا يقام لها وزن، في حين أن معظم أفراد المجتمع لا يلتفتون لأمثال هؤلاء المشاهير ولا تعنيهم متابعتهم على الإطلاق، متناسين حقيقة توفُّر وسائل كثيرة رسمية ومعروفة يستطيعون الوصول من خلالها إلى غالبية افراد المجتمع، ويزيد الطين بلة أن بعض المسؤولين هم الذين يقومون بصناعة مثل هؤلاء بدعوتهم والتحدث إليهم والتقاط الصور التذكارية بصحبتهم.
وإذا كانت كل تلك المطالبات عاجزة عن وقف صناعة مثل أولئك المشاهير، فلا بد أن تكون هناك وقفة جادَّة من المجتمع، ويكمن الحل الوحيد لذلك في مقاطعة أي خدمة أو منتج أم جهة تستعين بهم، عندها ستدرك الجهات المسؤولة عن هذه الصناعة بأنها أخطأت الاختيار وبأنه صار لزاماً عليها التوقف عن اتّباع هذا النهج، وحينها فقط لن نرى أمثال هؤلاء يهيمون يمنة ويسرة للإعلان عن الخدمات والمنتجات، فنكون بذلك عوناً للمجتمع في منع تحويل الأغبياء والسفهاء إلى مشاهير.