لا يكثر الحديث عن الماضي الا من لا حاضر له
بقلم : عارف القليطي
لو طلبنا من احد الأشخاص ان يجمع نصف او ربع سكان الحي في وقت واحد للحديث معهم في أمر هام لتعذر بصعوبة ذلك ، فكيف اذا طلبنا منه جمع كافة سكان الحي كبيرهم وصغيرهم ؟ وان يطلب منهم الإنصات التام لما سيقوله وعدم مقاطعته حتى ينتهي من حديثه !
إنه امر قد يتفق الجميع على استحالة تحقيقه وقد يتهم من يسعى الية بالجنون خاصة في ضل تعدد مشاغل الناس والتزاماتهم في زمان اصبح يلتهم منا من الوقت اكثر مما يعطينا .
ولكنه امر قد كفله الإسلام لإمام الحي كل أسبوع من خلال صلاة الجمعة ، تلك الخطبة التي يجتمع لها كافة سكان الحي واوجب الله عليهم الاستماع للخطيب والإنصات التام ( من تكلم والإمام يخطب فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له – رواه مسلم ) .
فهل يتم استغلال هذه الفرص المتوالية والمستمرة بالشكل المثمر والبناء ؟
جميعنا نعلم ومنذ المرحلة الابتدائية كيف انتصر المسلمون في بدر ولماذا هزموا في احد وكيف هزم الله الأحزاب ، بطولات القادسية واليرموك ، شجاعة خالد بن الوليد وعدل عمر بن عبدالعزيز ، أمور اشبعتها كتب المدارس بحثاً وتفصيلاً ، إن المنابر ليست مكاناً لسرد التاريخ وقصص الماضي ، فالتاريخ يدرس في المدارس ، ولا يكثر الحديث عن الماضي إلا من لا حاضر له ، هذا ناهيك عن بعض الطائفية وتوزيع الرحمات واللعنات بالمجان .
إننا اليوم في أمس الحاجة لحديث جاد عن المشكلات التي تمس حياتنا اليومية : فوضى الشوارع وتهور القيادة ، دور المعلم ومكانته التي تزول يوماً بعد يوم ، وسائل التواصل الاجتماعي وما تبثه علينا وعلى أبنائنا ليل نهار ، وغيرها الكثير والكثير ، هذا بخلاف بعض المشكلات الصغيرة التي قد تواجه حي دون آخر .
إن إمام الحي يجب أن يكون كالمصلح الاجتماعي يتلمس حاجات الحي ومشكلاته للحديث عنها وطرح طرق معالجتها والحد من أي ظواهر سلبية في الحي ، هذا مع المرور على مشكلات المجتمع بشكل عام وطرح أسبابها وطرق معالجتها قدر الإمكان .
إننا ننتظر اليوم من جوامعنا ان تكون على قدر المسئولية المجتمعية وان تأخذ زمام المبادرة وتستعيد دورها الفعال في المجتمع، وان تخاطب افراده من واقع ما يعانوه في حياتهم اليومية .
أخيراً فان جيلاً يأخذ المعلومة من خلال تغريده مكونه من 140 حرف ومقطع سناب شات من 10 ثواني ، لن يستمع لمن يتحدث لمدة نصف ساعة معظمها مقدمات وتكرارات ، وقديماً قالوا : خير الكلام ما قل ودل ، وفي الحديث الشريف : إن طول طلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه ، فأطيلوا الصلاة ، واقصروا الخطبة ، وإن من البيان سحراً – رواه مسلم .