غير مصنفة

ليبيا وانسداد الأفق

صادق ناشر

لم تتمكن الأطراف الليبية من التوافق حول رؤية لإعادة الأمور إلى سكتها الصحيحة، إذ لا تزال الخلافات تباعد بين رؤى القوى المختلفة، ما يقوض التوافق الذي برز خلال العامين الماضيين وتجسد في المرحلة الانتقالية، ويعرض الإنجازات، التي تحققت رغم هشاشتها للخطر، وهو ما نبه إليه المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، الذي بادر إلى دعوة كافة الأطراف الليبية، إلى عدم تقويض العملية السياسية، بالتزامن مع توترات ترافقت مع دعوات بعض الأطراف بانتهاء فترة المجلس الرئاسي، خاصة بعد إعلان قائد الجيش المشير خليفة حفتر عن انتهاء صلاحية الاتفاق السياسي، ورفضه الخضوع للمجلس الرئاسي المنبثق عنه.
بعد مرور عامين من التوقيع على اتفاق الصخيرات، الذي انتهت فعاليته أمس الأول تعود الأزمة إلى نقطة الصفر، خاصة في ظل التعنت الذي يبديه بعض الأطراف لإعادة تفعيل الاتفاق أو البحث في صياغة أخرى، تكون شبيهة بالمرحلة الانتقالية التي بدأت قبل عامين، حيث بدأ الليبيون يشعرون بأن المرحلة طالت، وأنه قد حان الوقت لإعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا بعد سنوات من الاضطرابات التي أزهقت أرواح الآلاف منذ مقتل معمر القذافي عام 2011، إثر الاحتجاجات التي شهدتها البلاد ضمن موجة ما يسمى ب «الربيع العربي».
ولم تفلح الاتصالات التي قامت بها الأمم المتحدة وأطراف عربية عدة في تليين مواقف الأطراف المتنازعة، فعلى الرغم من اختتام جولة ثانية من المفاوضات في تونس، الرامية إلى تعديل الاتفاق السياسي، والتي شاركت فيها لجنتا حوار من مجلس النواب، المنعقد في طبرق (شرق)، والمجلس الأعلى للدولة، إلا أن اتفاقاً لم يتم التوصل إليه، وبالتالي بقيت أبواب الأزمة مفتوحة، ما ينذر بتصدع الجبهات السياسية ما ينعكس على الجبهات العسكرية، حيث تتوزع البلاد جماعات مسلحة تدين بالولاء لأطراف مختلفة، ما يستغله تنظيم «داعش»، الذي توسع في البلاد خلال الأشهر القليلة الماضية، خاصة بعد الضربات التي تعرض لها في كل من العراق وسوريا.
وحسب جهود الأمم المتحدة، التي يقودها غسان سلامة، فإن خريطة جديدة لحل الأزمة تتشكل، تشمل في مرحلتها الأولى، تعديل اتفاق الصخيرات، وعقد مؤتمر وطني، وتنظيم الانتخابات، بما في ذلك تعديل الدستور وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، تشرف عليها الأمم المتحدة.
عندما وقعت أطراف النزاع السياسي الليبي في منتجع الصخيرات في المغرب، على وثيقة الاتفاق السياسي، فإنها كانت تهدف إلى استحداث مجلس رئاسي، لحكومة الوفاق الوطني، والمجلس الأعلى للدولة، وتمديد ولاية مجلس النواب، إلا أن الأطراف فقدت الثقة ببعضها ، ولم تطبق الاتفاق أو حتى تلتزم بروحه، ما أفسح المجال لتراكم الخلافات بين الأطراف المشاركة في العملية السياسية برمتها.
لم يحدث اختراق كبير لتغيير أنماط الصراع في البلاد، فالسياسيون ما زالوا أسرى المشاريع المختلفة المدعومة من الداخل والخارج، والضحية ليبيا، التي تزداد معاناتها مع مرور الوقت، ومن دون توافق الأطراف الليبية، فإن أحداً لن يكون بمقدوره صنع شيء، ولن تكون هناك عصا سحرية للحل.

sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى