غير مصنفة

مائدة المصالحة

خيري منصور

هل كانت المصالحة بين فتح وحماس عبر مسلسلها الدرامي الطويل هشة إلى الحد الذي يعلن فيه أحد قادة حماس بأن الحركة قادرة على قلب الطاولة بكل ما عليها لو شاءت..؟
لكنها لم تشأ بعد
كان يجب على من تفاءلوا كثيراً وهتفوا بأعلى صوت للمصالحة أن يحتفظوا ولو بهامش صغير يقيهم من الصدمة.
فالمصالحات على اختلاف أطرافها وساحاتها ليست مظاهر بروتوكولية أو تكتيكات معزولة عن النوايا الجادة لإنهاء هذه الدراما. وقد يغيب عن محترفي السياسة ولعبة أكروباتها أن الناس يصابون بإرهاق عاطفي إذا تكررت اللعبة، ولم يحدث من قبل أن افترقت أصابع القبضة الوطنية عن بعضها وتخاصمت تحت الاحتلال، لأنه سبب منطقي وتاريخي لتجاوز الحسابات الصغرى!
ويكفي ما أتاحه الانقسام الفلسطيني من ذرائع لمن يريدون غسل أيديهم وذاكراتهم السياسية من هذا الشجن القومي المزمن.
أما القدرة على قلب المائدة فهي متاحة لكل اللاعبين سواء بأوراق اللعب التقليدية أو بأوراق الملفات السياسية، لأن ذلك غير بالغ التكلفة لدى حدوثه، لكن نتائجه على المدى الأبعد وخيمة، وتهدد بفقدان المصداقية!
ولو شاء أي محايد يحتفظ بالمسافة ذاتها بينه وبين فتح وحماس أن يحصي خسائر الفلسطينيين وغنائم الاحتلال من الانقسام لربما كانت النتائج كارثية ومفزعة!
ومن قالوا أن الجرة الفلسطينية سلمت هذه المرة دفعهم إلى ذلك ما تراكم لديهم من إحباط، ومن عدد المرات التي أعدوا فيها وليمة الوئام وبقيت القاعة فارغة إلا من مقاعدها والصور المعلقة على جدرانها!
ومن غير المسموح به وطنياً وإنسانياً أن تضحي الأطراف المتنازعة على السلطة تحت الاحتلال بالقواسم المشتركة من أجل مصالح ذاتية، فالفلسطينيون ضجروا من لعبة الشد والإرخاء ومن العناق البروتوكولي والمصافحات المتلفزة، لأن كل ثانية تمر وهم على هذا الحال هي لغير صالحهم، خصوصاً وإن رهان الاحتلال منذ أول رصاصة وأول مستوطن وأول لاجئ كان على كسب الوقت الذي أجادت الفصائل الفلسطينية تبديده وخسارته!

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى