مقالات سياسية

متى يشبعون؟

أحمد الصراف

تعتبر الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية واحدة من كبريات المؤسسات العاملة في الحقل الإنساني على مستوى العالم الإسلامي، وهي هيئة مستقلة. ويقول موقعها إنها تقدّم خدماتها ومساعداتها من دون تمييز أو تعصب بعيداً عن التدخل في السياسة أو الصراعات العرقية، وهذا ليس دقيقاً تماماً.

يعود تأسيس الهيئة إلى عام 1984، ولولا دعم الشيخ جابر الأحمد لها، لما رأت النور، وإسناد الفضل لغيره غير صحيح أيضاً.

وعلى الرغم من أن مجلس الأمة الكويتي هو الذي أقرّ قانون الهيئة، فإنه جاء متراخياً، حيث خفف الرقابة عليها لأدنى الدرجات، وبالتالي لم تخل سيرتها من الفساد الإداري وسرقة ممتلكاتها من بعض أعضاء مجلس إدارتها، وصدور أحكام سجن بحقهم، وبحق موظفين يعملون بها!

الهيئة في النهاية جمعية خيرية تمتلك أموالاً طائلة، ويديرها من يمثل دولة الكويت، فليس لبقية أعضاء مجلس إدارتها، الذين ينتمون إلى دول عدة، غير حضور القليل من اجتماعاتها، والكويت هي الأكثر كرماً معها!

بسبب فقدان الرقابة المسبقة أو الآنية على أعمالها، وجشع بعض القائمين عليها، وسعيها مؤخراً إلى جمع أكبر ما يمكن جمعه من التبرعات، بالرغم من ثرائها الكبير، فلم يكن صعباً مؤخراً رصد ممثلي إدارة الجمعيات الخيرية والمبرات، في وزارة الشؤون، قيام الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بنشر إعلانات جمع تبرعات عبر موقعها الرسمي، ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي، من دون التقدم بطلب رسمي من الوزارة، ولا الحصول على موافقتها المسبقة قبل النشر، وكان آخرها إعلانها جمع التبرعات لمصلحة مشروع «إغاثة عاجلة لمخيم جنين – فلسطين». ووفقاً لمصادر «الشؤون»، فإن مثل هذه الإعلانات تعتبر مخالفة صريحة لقوانين وقرارات وضوابط واشتراطات تنظيم العمل الخيري في البلاد، حيث لا يجوز للأفراد أو الجماعات جمع التبرعات من الجمهور بأي وسيلة كانت بغرض إنفاقها، أو مساعدة المنكوبين، إلا بعد الحصول على ترخيص مسبق من وزارة الشؤون، قبل بدء الجمع بشهر على الأقل، على أن تحدد مدة الجمع وطريقته والغرض منه من قبل الجهة المنظمة للمشروع.

وورد في بيان لوزارة الشؤون أنها ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة والسريعة حيال الأفراد أو الجهات غير المخولين، الذين يقومون بالإعلان عن جمع التبرعات، أو إطلاق مشروعات خيرية من دون موافقتها المسبقة، وبعيداً عن أعين الدولة ورقابتها، حفاظاً على العمل الخيري، وحرصاً على عدم تعرضه لأي شائبة.

وحذّرت الوزارة، ومعروف من تقصد، من أن البعض يستغل فطرة المجتمع الكويتي وحبه لمساعدة المحتاجين للوصول إلى مآرب خاصة بعيدة تماماً عن العمل الخيري. لذا، نهيب بالمتبرعين من المواطنين والمقيمين ضرورة تحري الدقة خلال التبرع، وعدم الانسياق وراء مثل هذه الدعوات، وتوجيه تبرعاتهم للجهات المعلومة والمشهرة في البلاد، لا سيما أن هذه الأموال قد تقع في أيدي من يستغلها بصورة خاطئة تشوه العمل الخيري الكويتي!

***

محيّر بالفعل أمر هذه الجمعية المتخمة بالأموال، والتي تعمل بحرية مطلقة، خصوصاً خارج الكويت، من دون أية رقابة «فعلية» على أنشطتها، وما يتضمنه هذا النشاط عادة من «إغراءات»، يحيرني وقوعها في مثل هذا الأخطاء، والمخالفات الصريحة، ونتمنى أن تكون هناك جهة تراقب أعمالها، فحتى بعض الوزارات المعنية بالأمر، التي أنيطت بها مهمة رقابة الهيئات، قد تكون نفسها بحاجة، قبل غيرها، إلى من يراقب أعمالها! الشق عود!

نقلاً عن “القبس

زر الذهاب إلى الأعلى