قضايا ودراسات

مرة ثانية.. الشعر والرواية

يوسف أبولوز

مرة ثانية تضعنا «ثنائية» الرواية والشعر في مربع السؤال الذي بات تقليدياً لكثرة تكراره، وهو: هل أصبحت الرواية العربية «ديوان العرب» لتحلّ بذلك، من حيث الأهمية والانتشار محل الشعر الذي يمثل، وفي كل مراحله، جانباً مهمّاً من جوانب الهوية الثقافية العربية، بل الهوية التاريخية والاجتماعية بوصف الشعر هو الرديف المباشر للغة العربية.. لغة الثقافة، ولغة الذاكرة، ولغة الحياة؟
في القائمة الطويلة لفرع الآداب، أحد فروع جائزة الشيخ زايد للكتاب أرفع جائزة أدبية عربية، وقد أعلن عن هذه القائمة أمس الأول، تتنافس على الجائزة تسع روايات عربية بأقلام نسائية ورجالية، في حين ضمّت القائمة مجموعتين شعريتين فقط، واحدة للشاعر المصري أحمد الشهاوي، والثانية للشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين، والاثنان لم يكتبا الرواية، في حين كتب الرواية شعراء كثر ومعروفون في الوسط الثقافي العربي مثل عباس بيضون الذي يكتب قصيدة النثر، وفجأة توجه إلى الرواية، وفاز بجائزة، في حين فاز الشاعر إبراهيم نصرالله بأكثر من جائزة عن عدد من رواياته التي تتخذ من القضية الفلسطينية محوراً لها.
هيمنة الرواية على القوائم الطويلة والقصيرة في الجوائز الأدبية العربية أصبحت ملحوظة في دورات هذه الجوائز منذ سنوات، وفي كل مرة تصعد الرواية، وتقطف الجائزة بعد ما يشبه الحضور الرمزي للشعر في هذه القوائم.
الملاحظة الثانية، أن الكثير من الشعراء العرب فازوا بجوائز، من أدونيس مروراً بشوقي بزيع وليس انتهاءً بأحمد الشهاوي ومحمد علي شمس الدين اللذين يحضران الآن في القائمة الطويلة.
في هذه الحالة يبدو الشعر ضائعاً في خضم شبكة من الروايات، ومن أجل حلّ هذه الإشكالية، وإنصافاً للشعر يرى البعض أن تكون هناك جائزة مستقلة ومخصصة للشعر، وجائزة ثانية مستقلة ومخصصة للرواية.
في هذه الحالة يجري نوع من الفصل في التنافس والفصل أيضاً بين جنس أدبي، وجنس أدبي آخر، فالمعايير النقدية التي يُنظر من خلالها إلى نصّ شعري تختلف كلياً عن المعايير التي ينظر من خلالها إلى نصّ روائي، وصحيح أن الشعر والرواية يقعان في إطار واحد هو الأدب، ولكن علينا الأخذ في الاعتبار أن بنية القصيدة وعناصر تكوينها ومفرداتها هي معاً «بيئة» أدبية، إن جازت العبارة، تختلف تماماً عن «البيئة الأدبية» للسرد، الفن الروائي الذي تتشابك فيه مجموعة مكوّنات مختلفة عن مكوّنات الشعر.
تبقى كتابات أخرى أو أنواع أخرى من حقها أن تتقدم للجوائز الأدبية.. مثل النثر المفتوح أو الكتابة الحرّة أو السيرة أو المذكرات. وهذه معاً يمكن أن تقع في إطار مكوّنات الرواية.

yabolouz@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى