مرحلة ما قبل الخلع
محمد سعيد القبيسي
مرحلة ما قبل الخلع هي آخر اللحظات على كرسي الحكم، وتسمى هذه المرحلة بمرحلة التخبط والهتافات والسير إلى لا وجهة، لقد رأينا دموع الحزن في أعين مبارك، والتي ظهرت في خطاباته الأخيرة، والتي كانت ترجو رحمة الشعب بأن تبقيه حتى نهاية فترة رئاسته، ولكن كيف يطلب الرحمة من شعب لم يذق مذاق الرحمة طيلة الثلاثين عاماً، هي فترة حكم مبارك، وتبين لنا من الخطابات بأنها مناورات سريعة لامتصاص مظاهر الغضب والاحتجاج لدى الشعب، وكانت تلك الدموع المخبأة والمسترحمة للشعب بعد فقد الأمل من قمع المظاهرات والتي استخدمت فيها الشرطة جميع الوسائل لإخمادها دون جدوى، ولكن هيهات هيهات لن تنفع الدموع الآن، ولن ينفع الندم على ما فات من ظلم وإبادة للشعب المقهور، باعتقادي لو كانت هذه الخطابات قبل استخدام وسائل القمع، والقتل والإصرار على استخدام القوة ضد الشعب، كان من الممكن أن تأتي بثمار طيبه، ولكن أين الطبيب من جرح قد نزف ومازال ينزف.
ومن قبل مبارك الرئيس بن علي وكان قبل خطاباته كان قد أمر بقمع تلك التظاهرات والاحتجاجات بكل الوسائل المتاحة، جاءت بعدها الخطابات بعد فشل محاولات الشرطة في إخماد تلك الاحتجاجات، ومنها خطابه الأخير الذي يقول فيه (خلاص فهمتكم) لم نعلم ماذا كان يقصد بتلك الجمله هل هي خلاص فهمتكم وسأقوم بالتعديلات، أو خلاص فهمتكم سوف أرحل، وحين طلب من الجيش بالتدخل قوبل بالرفض وأخذ الجيش موقف الحياد وطلب منه مغادرة البلاد.
أصبح لدى الجمهور العربي السيناريو معروف مهما تعددت الوجوه ولكن القصة واحدة، حتى باتت هناك علامات تعرف بقرب نهاية الرئيس، كثرة الخطابات واستخدام وسائل القمع، توجيه الاتهامات إلى عناصر خارجية كالإرهابيين والجماعات الإرهابية وغيرها من الاتهامات التي حفظها حتى الطفل في المرحلة الابتدائية من كثرة ترديدها.
وها نحن نرى الآن مسلسلين تكاد تكون أحداثهما متشابهة من حيث القصة ولكن باختلاف الأبطال والأماكن، وبتقدم مرحلة عن الأخرى، وهما المسلسل الليبي والمسلسل اليمني ونبدء بالليبي، حيث نرى بأن القذافي قد وصل إلى آخر الحلقات، والتي تنتهي إما بموت البطل أو هروبه من الحدث، ولكن ما يحدث في ليبيا أعتقد بأنه سيكون آخر ما يحدث في العالم العربي، حيث إنه من المستحيل بأن يقوم أي إنسان عاقل بما قام به القذافي، من قتل أبرياء وتدمير البلاد وحرق حقول النفط، مستخدماً المدرعات والطائرات وكل ما يملك من أسلحة في سبيل المحافظة على كرسيه، والقذافي تعدى آخر مراحل الجنون، لذا لا بد من تدخل عربي عربي وأكرر تدخل عربي فقط لوقف هذا المسلسل الدامي، ورفض أي تدخل خارجي غير عربي، لأن ما يوحي إليه الآن بأن النهاية ستكون بنهاية البطل وجميع من بالمسلسل.
ومن جهة أخرى المسلسل اليمني والذي تكاد أحداثه مشابهة للمسلسلات المكسيكية بأنها طويلة وبطيئة في تسلسل الأحداث، وتتخللها أحداث ليبيا بين الحين والآخر، حيث إن الرئيس اليمني، يرى ويتعلم من الجيران وذلك لتفادي الدخول في خطوة والندم على نتائجها، لذلك يحسب الخطوات قبل اتخاذها وتقدير نتائجها، لذلك تكاد تكون الأحداث بطيئة او شبه متوقفة، ولخطابات علي عبدالله صالح نكهة خاصة ومميزة، حيث كان آخر خطاب له باتهام الولايات المتحدة وإسرائيل بإنشاء غرف عمليات تشرف على أعمال التخريب في الوطن العربي، وتوجه إلى رئيس الولايات المتحدة متسائلاً هل هو رئيس الولايات المتحدة أو رئيس الوطن العربي وذلك لتدخلهم عن طريق توجيه نصائح للرؤساء كما حدث في تونس ومصر ويحدث الآن في ليبيا بضرورة تنحيهم عن الحكم وترك الأمر للشعب لتحديد مصيره، وسرعان ما توجه الرئيس اليمني باعتذاره إلى الولايات المتحده بعد ساعات من خطابه متعللاً بأن هناك التباس وسوء فهم من طرفه، ولكن الأحداث لا تزال على نار هادئة في اليمن بانتظار انتهائها في ليبيا، وإلى ذلك الحين وبداية دخول الرئيس اليمني مرحلة ما قبل الخلع، سنعلم حينها من التالي.