مصر والضربة الحاسمة

مفتاح شعيب
لا شك أن عملية «سيناء 2018»، التي أطلقها الجيش المصري لاجتثاث بؤر الإرهاب، جاءت تتويجاً لمرحلة من التخطيط وإعداد المعلومات وتحديد الأهداف. واستكمالاً للعمليات السابقة، ستوجه هذه الحملة ضربة حاسمة للعناصر المتطرفة التي ما زالت تتآمر وتتحرك لتنفيذ مزيد من الجرائم الغادرة بالشعب المصري وبالمنطقة عموماً.
ويظهر حجم القوة المستنفرة في العملية واتساع النطاق، من شمال سيناء ووسطها إلى الدلتا والظهير الصحراوي غربي وادي النيل، أن التوقيت كان مدروساً، وأن الدولة المصرية حزمت أمرها لتصفية ملف الإرهاب ومتعلقاته.
هذه العملية قد تكون أفضل تمهيد لما بعد الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل. فمن المرجح أن تكون الفترة المقبلة، مرحلة الحصاد الفعلي لما تم في السنوات الأربع الماضية من إصلاحات في شتى المجالات، ومن مشاريع في البنى التحتية وقطاعات الزراعة والصناعة والخدمات.
ولن تكون النتائج مضمونة ما لم تتوفر بيئة آمنة تشجع على البذل والعمل. ومن الواضح أن الدولة المصرية تعمل وفق هذه القناعة، وتريد أن تثبت لشعبها أنها قادرة على النهوض به، ومؤتمنة على رفاهيته واستقراره.
كما تريد أن تثبت للعالم الخارجي أن مصر تعافت، وعادت إلى وضعها الطبيعي كدولة محورية في العالم العربي والشرق الأوسط. وهذه العودة لم تكن يسيرة، فقد قدم المصريون تضحيات كبيرة في مواجهات تحديات جمة، ومن أخطر تلك التحديات الإرهاب الذي أدمى البلاد في أكثر من مناسبة وأسقط مئات الشهداء، وحاول مرات عدة أن يزرع فتنة بين أبناء الشعب الواحد.
كما ألحق أفدح الأضرار بالقطاعات الاقتصادية ومنها السياحة، إضافة إلى التشويه الذي طال صورة مصر في الخارج، بدعم وتحريض من أطراف عدة لا تريد أن ترى أحداً في نعيم، ولو بالقليل منه.
بعد هذه الحملة العسكرية الشاملة، يفترض أن تشرق شمس مصر مجدداً؛ لأن هذه المعركة التي تُخاض حالياً هي معركة وجود. والنصر فيها سيكون الشرط الأساسي لاستكمال المسيرة الوطنية، التي باتت طموح الجميع، قيادة وشعباً.
ومن هنا جاء التصميم على خوض هذه الحرب بكل الوسائل؛ لأن العدو الذي تواجهه مصر وبقية المنطقة ليس هيّناً بالمرة، ولديه وسائل غير تقليدية خبيثة، وله حلفاء أقوياء، ضمن منظومة دولية معقدة وبارعة في التمويه، ونجحت في خداع شعوب عديدة، وقادتها إلى التدمير والإفناء الذاتي.
العدو الذي تواجهه مصر في هذه المرحلة هو الإرهاب بمختلف فصائله وألوانه. فقد استطاعت هذه الظاهرة المدمّرة التي ترعاها دول «عظمى»، أن تدمر عدداً من الأقطار العربية، وتساهم في تقطيع أوصال الأمة عبر الصراعات والفتن الطائفية. ومن المهم بالنسبة إلى مصر ألاَّ تتوانى عن مواجهته وفضح كل المتآمرين، لا سيما في ظل الغموض الذي يكتنف «الحرب الدولية على الإرهاب»، والتضارب الذي يتعلق بمصير تنظيم «داعش» وقياداته.
ومن هذه التقارير ما يجري تسريبه عن نقل التنظيم إلى دول أخرى منها ليبيا، بعد انحسار وجوده في سوريا والعراق. وإذا استوطن الإرهاب مجدداً في ليبيا، فستكون مصر هي الهدف التالي، فمن يُديرون الإرهاب ما زالوا يراهنون على مشروعهم التدميري. وإذا كانت مصر معنية باستقرار المنطقة، فيجب أن تكون هي صاحبة الضربة الحاسمة في الحرب على الإرهاب وشبكاته.
chouaibmeftah@gmail.com