غير مصنفة

معادلات الأحلام

عبد اللطيف الزبيدي

كيف تُحسب معادلات التفاؤل والتشاؤم في الأوضاع المتأزمة؟ مبدئياً، خلافاً للمتصور، يجب أخذ الأزمات الكبرى، على أنها فرصة تاريخية نادرة لتوحيد الطاقات: لا يوجد أيّ بديل للعالم العربيّ أمام العرب، إلاّ في رؤوس من يريدون الخريطة ممزّقة. من هنا يبدأ بناء التفاؤل، وانهيار دواعي التشاؤم.
إذا أرجعنا كل المشكلات إلى أصل واحد، أدركنا أن التخلّف التنمويّ مردّه إلى فقدان التوازن أمام الجسم الغريب المزروع قسراً للحيلولة دون أي نمو، ما جعل جلّ القضايا فريسة للتدويل، الذي يعني تجريد البلدان من إمكان التحكم في المصير، وانعدام استقلالية تقرير المصير. هذه إيجابية أخرى تخفى على الناس في الأزمات: هذا أكبر برهان على وجود اشتراك في المصير. مصدر التفاؤل: إذا كان المصير واحداً، فكيف لا يجد دعماً وتمكيناً باقتصاد مشترك، دفاع مشترك يحمي الاقتصاد، ثقافة حياة مشتركة ترسّخ عقيدة الدفاع المشترك، غايات متآلفة تنصهر في ثقافة حياة مشتركة؟ في مثل هذه الأوضاع المتأزمة، التي يعرف العرب أسباب تشعباتها وعلل متاهاتها، يجب أن تنبثق الأحلام الواعية العاقلة، لتكتشف الأنظمة كنوز طاقات الشعوب، عندما تتحول إلى رأسمال لتنمية شاملة ممكنة لا يستهين بها إلاّ من لا يرى فيها غير العجز عن النهوض. لماذا يكون جنوناً تصور اقتصادات متكاملة من الماء إلى الماء؟ما الخرافيّ واللا معقول في هذا؟ هل توحيد العملات في عملة قوية منافسة أمر محال؟
لماذا يكون حلم التجارة البينيّة العملاقة وهماً واهيا؟ لماذا يكون وضع الكفاءات العلمية والتقانية على طريق مشروع حضاري متكامل، سطحيةً في التفكير؟ أليس هذا هو ما تريده المخططات الرامية إلى إبقاء الدول العربية خارج العصر؟ استبعاد هذه الأفكار والأحلام العقلانية، أخطر سلاح يتهدد مستقبل العرب، بينما تبذل الدول التي لا وشائج تربطها، قصارى جهودها في التكتل لتشييد مستقبل مشترك. الثروات العربية تملك كل وسائل الاستثمار في العلوم والبحث العلميّ، للتحرر من اتهام العرب بأنهم أضعف من أن يقفوا في زحام الحضارة الإنسانية.
ماذا لو احتكم العرب إلى العقل وقالوا: لا بد من تغيير المسار الخاطئ، بتسخير طاقات الشعوب لبناء المستقبل اليوم لا غداً؟ جملة كهذه، لا غير، كافية لإطلاق شمس تفاؤل ترى كل الآفاق إشعاعها، وستكون صدمة للمخططات، تماماً مثل صدمة استيقاظ الصين، ردّاً على بونابرت حين دعا إلى إبقائها نائمة.
لزوم ما يلزم: النتيجة الإعجازية: أجمل الأحلام هو ذلك الذي يفاجئ تحققه المصرّين على استحالة تحقيقه.

abuzzabaed@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى