منطوق الصورة
مريم البلوشي
الصورة كما تعلمناها هي انعكاس الضوء، انكساره وتحوله لأشكال هي صور تفرحنا وقد تحزننا أحياناً، حين كنا صغاراً كانت تبهرنا الكاميرا التي توثق أوقاتنا، وكم كانت الفرحة حين يأتي ألبوم الصور ونتنافس على مشاهدة الأحداث فنفرح ونستاء في نفس الصورة، مخاطبين أنفسنا، لماذا كانت وقفتنا هكذا، لماذا لم أضحك، لماذا غطى فلان علي، ولماذا ولماذا….! هذه صورة لن تتكرر اليوم، لأنها حالة انتهت وجاءت التكنولوجيا لتقول كلمتها، فصار المصور والصورة في الوقت ذاته يخبرانك: «هل نعيد أم لا»..؟
كثر المصورون ربما، وكثرت آلات التصوير، وفي وقت ما قيل «هل هناك أحد اليوم لا يعرف التصوير»، أخبرني أحدهم أنها مهارة وهي فعلاً مهارة وخدع تكنولوجية نتعلمها، وتعديلات فنية في الكثير من البرامج التي تحول الحقائق لألوان مختلفة، لكن تبقى الحقيقة التي لا تتغير، المصور الأصيل، هو أيضاً صاحب رسالة، ذو فكر وقدرة مكنته على مدى عمره أن يكون مختلفاً، أن يطرح في صورة واحدة لحظة الإبهار، ولا يهم أن تكون بجانبه أخواتها من الصور…!
اختتمت بالأمس الشارقة مهرجان الصورة، بحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور الوالد سلطان بن محمد القاسمي، الذي لا يألو جهداً بأن يحضر إلينا الجميل الأصيل، فكم عدد المصورين المهمين الذين عقدت لهم جلسات. كم هو مذهل عدد الصور التي عرضت، الحالة الإبداعية موجودة، في تلك القصص التي يخبرنا بها المصور الذي لم يعش يتعقب تقنيات الكاميرا، بل عاش يتعقب حالة تأسره، تنكسر في داخله وتنعكس من خلال رؤيته، عينه للعالم. مصورون خاطروا بأرواحهم من أجل أن يرسلوا للعالم رسالة تهزه، ومصورون لم يكونوا يعشقون الصورة بل يحملون هم الحالة التي هي انعكاس للصورة، في معرض «إكسبوجر»، الصورة تنطق، منطوقها يخبرك إن تأملت ما وراءها أن هناك الكثير لا يكتب بل يروى من وراء العيون والصور، هناك تجد أن التكرار لا يأسرك لكن الصعوبة التي عاشها مصور ما هي ما يخبرك كيف أن من يملك في روحه حباً حقيقياً لحقيقة الصورة سيجازف، يتعلم، يدرس، يخاطر ويترجم ما بروحه..!
هي رسالة، لا تعتقد أنك مصور فقط لأنك صورت الكثير بل كن مصوراً حقيقياً بما تقدم من وراء الصورة، الكاميرا تحمل تقنيات كثيرة لكن تبقى أصالة روحك هي الحافز، عينك يجب أن تكون صافية نقية، فكم من صور أسرتنا التقطت بكاميرات عادية، كاميرات الهاتف، لا تستعجل كما هو في أي مجال، فلربما يوماً تكون حالة احترافية لا تتكرر، التعب وارد، المجازفة جزء من التجربة، والصبر هي دعامة الوصول لحالة تفردية، جميل أن نرى كل الأشكال والجنسيات والصور، وأن نتعايش في مكان واحد قصص كل هؤلاء.
تبقى الصورة، ناطقة ذات منطوق جميل، مؤلم أحياناً، حالة من التأمل وبصمت…!
Mar_alblooshi@hotmail.com