مقالات رئيس التحرير
من نحاسب او نكافيء هل المسؤول الحالي ام السابق؟
في احد المطاعم الشهيرة ،والمعروفة بأطباقها الشهية ،ظهرت حالة غريبة على مجموعة من الضيوف ،فبعد تناول الوليمة تسمم البعض منهم ،وآخرين جاءهم إعياء شديد واحدهم كان في حالة حرجة انتهى الأمر بهم في المستشفى لتلقي العلاج، وكان لطف الله بهم كبيرا فخرج جميعهم أصحاء وبخير.
ماحدث لهذا المطعم الشهير أشبه بصدمة لصاحبه الذي أدرك بعد هذا الحادثة حجم الأذى الذي تسبب به الطعام المقدم للضيوف ولكن السؤال من المتسبب بهذا الاذى؟
الحقيقة التي كانت خلف هذه الحادثة، هو ان احد الطباخين الذي تولى بمفرده القيام باعداد هذا الوليمة الكبيرة لمجموعة من الضيوف، فأثناء عمله في إعدادها قام باستخدام مكونات ضارة غير مسموح بها، في سبيل أن تظهر هذه الوليمة بشكل غير اعتيادي وأيضا لتوفير بعض المواد ليكون المبلغ الذي قام بتوفيره في جيبه الخاص، وبعد أن انهى هذا الطباخ مايقارب ال 75% من هذه الوليمة قام مدير المطعم لسبب ما بإنهاء خدماته، وفي ذات الوقت كان البديل موجود ،فقد قام بتعيين طباخ جديد ليقوم بإكمال هذه الوليمة الكبيرة، ونعلم بأن هذا الطباخ الجديد قد بقى على انهاء مهمته 25% من هذه الوليمة، وهذه النسبة مهما اجتهد فيها واستخدم فيها اجود المكونات لن تؤثر على كل المكونات الفاسدة التي استخدمها الطباخ السابق!
ومن هذا الحادثة الغريبة يتبادر في أذهاننا السؤال الذي شغل صاحب المطعم على من تقع المسؤولية؟
هل على الطباخ الأول الذي استخدم تلك المكونات الفاسدة مما سبب الضرر لجميع الضيوف، أم على الطباخ الحالي الذي بذل قصارى جهده لكي تظهر هذه الوليمة على أفضل وجه؟
وماذا لو كان الأمر بالعكس وكان الطباخ الأول هو الطباخ الملتزم والذي قام بعمل كل شيء على أكمل وجه، والأخر هو الطباخ الفاسد وكانت الوليمة على افضل مايكون، فلمن ستكون المكافأة؟
هذا المثال يضرب في كثير من الأمور الإدارية، فنرى أحيانا أشخاصا ومسؤولين يبذلون جهدا كبيرا وأعمالا كثيرة لتظهر الجهات التي هم مسؤولون عنها في افضل صورها ويكون اداؤها ممتازا ، واحيانا وقبل ان تظهر النتائج ولاي سبب يتم نقل هذا المسؤول الى مكان اخر او احالته للتقاعد او حتى انهاء خدماته، وياتي الذي بعده ليقطف ثمار ونتاج تلك الاعمال الطيبة التي قام بها المسؤول الذي قبله وتحسب له، كذلك لو كان هذا المسؤول عكس ماذكرنا فيتحمل من ياتي من بعده نتائج اهمال وسوء ادارة من كان قبله، فدائما من يحاسب او يكافأ هو المسؤول الاخير.
تساؤلي هو لماذا لا تكون هناك جهات او نظام يشرف على عمليات استلام وتسليم المهام لكل المسؤولين الذي يتولون مسؤوليات جهات كبيرة بحيث ان جميع ماقام به اي مسؤول سابق من جهد وظهرت نتائجه مبهرة وممتازة يتم دعوته وتكريمه لما قام به من انجازات وابتكارات ناجحة، كذلك على العكس اذا كان هناك سوء ادارة او اهمال يتم استدعاء المسؤول السابق ويتم محاسبته على كل صغيرة وكبيرة وما قام به من اهمال وسوء ادارة.
وبهذا سيضع كل مسؤول في باله بأنه سيحاسب على كل شيء يقوم به حتى لو غادر منصبه لاي سبب من الاسباب، مما سيجعله يقوم بعمله وواجباته تجاه وظيفته والجهة التي يتولى مسؤوليتها على اكمل وجه، وسيقوم بتوظيف الكفاءات ممن يستطيعون ان يقومون بالمهام المنوطة لهم للوصول الى الاهداف المرجوة لهذه الجهة، وايضا هناك الكثير ممن يعتقدون او يظنون بان تكليفهم بمسؤوليات اي جهة هو تشريف لهم وليس تكليف، وليس عليهم اي مسؤولية او حساب، وهذا الامر سيجعلهم اما ان يعملوا بالمطلوب منهم او الاعتذار من المنصب تجنبا لاي مسائلة.
وطبعا سينتهي الامر السائد في اغلب الاحيان او المتعارف عليه وهو لا مسؤولية عليك او حساب لاي شيء قمت به في وظيفتك السابقة بمجرد خروجك من مكتبك او من باب الجهة التي كن مسؤولا عنها.
هذا هو نظام الثواب والعقاب، فنقول لمن احسن أحسنت “وهل جزاء الاحسان الا الاحسان” ،ونقول لمن أساء أسأت.