مهرجان الفنون الإسلامية
يوسف أبولوز
وَسّع مهرجان الفنون الإسلامية في الشارقة على مدى عشرين دورة مفهوم وثقافة الخط العربي، والمهرجان نقل هذه الثقافة الجمالية والفكرية أيضاً إلى الأفق العالمي، وتكفي إطلالة سريعة على الفعاليات غير العربية في هذه الدورة العشرين لنعرف إلى أي مدى عملت دائرة الثقافة في الشارقة على عالمية الخط العربي، وفضاءاته الروحية والثقافية التي انتبه إليها فنانون من العالم.
هنا، فإن حجم المشاركات الأجنبية في المهرجان أمر ملحوظ.. ثمة فنانون من بريطانيا، والولايات المتحدة، والنمسا، وفرنسا، وألمانيا، ونيوزيلندا، وهونج كونج، واليابان، وإسبانيا، وماليزيا.. وغيرها من بلدان العالم التقوا على ثقافة الخط العربي بمقترحات فكرية بالطبع، وكل واحد من هؤلاء الفنانين له رؤية وله ثقافة خاصة به ومن خلالهما يعطي تظاهرة مهرجان الفنون الإسلامية مذاقها العالمي.
هذه ملاحظة، والملاحظة الثانية حجم المعارض المشاركة في المهرجان (44 معرضاً) بحيث نقف أمام تنوع فني يتبعه بالضرورة تنوع ثقافي، عالمي مرة ثانية، مع التأكيد على روح المهرجان المحلية ضمن الإطار العام لمشروع الشارقة الثقافي منذ الثمانينات وحتى اليوم، وكان الخط العربي، ولا يزال من نسيج هذا المشروع ذي الروح المحلية وبعدها الإنساني العالمي.
مُتابع مهرجان الفنون الإسلامية يعرف أن المهرجان يتخذ ثيمة أو مسمى له دلالة، وله ارتباط بطبيعة الدورة من حيث الأعمال الفنية، ومن حيث طروحاتها الفكرية.
وتأتي هذه الدورة تحت مسمى «أَثَرْ».. «..كشعار يجمع التجارب الفنية المشاركة من تشكيلية ومعمارية..». كما جاء في حيثيات دائرة الثقافة في الشارقة، و«الأثر» هنا محلي وعالمي، «الأثر»، أيضاً، ثقافي وجمالي وحضاري، و«الأثر» بصمة وشاهد وروح، كما أن «الأثر» هو سياق معرفي، وصورة، وكيان مادي ملموس.
كل هذه التداعيات يتركها لنا مفهوم «الأثر» المشتق أساساً من كينونة الخط العربي الذي يشكل جزءاً مهماً من هوية الإنسان العربي نفسه.
اللافت، أيضاً، في هذه الدورة حجم ورشات العمل أو الورشات الفنية التي تتوجه إلى موضوعات عديدة ومتنوعة إذا عرفنا أن المهرجان يقوم على 153 ورشة وهو عدد كبير، وتتوجه هذه الورش مرة ثانية إلى محلية المهرجان وأفقه الثقافي المتنوع، فهناك معالجات فنية للإيقاعات اللونية، وخط الرقعة، والزخارف الإسلامية، والخط الكوفي، وخط الديواني الجلي، كما يركز المهرجان وهو في حد ذاته ورشة عمل كبرى مفتوحة على مدى 40 يوماً على الجماليات التشكيلية، ولأقل «الشعرية» في الخط العربي الذي شغف به العالم.
نعم.. في الخط العربي طاقة شعرية عالية، وينطوي أيضاً على طاقة موسيقية تنبعث بهدوء من العوالم الحروفية العبقرية في انسيابية الخط وإيقاعاته الموصلة إلى أثر روحي، ونفسي، وفلسفي.