مقالات عامة

ميانمار.. آخر العلاج.. ال«آي سي سي»!

كمال الجزولي

لم يفلح صراخ العالم، وقرارات مؤسساته المتخصصة، وتهديدات دولِه بمعاقبة ميانمار «بورما» وقادتها، في إثنائها عن مواصلة خطتها بإخلائها من الروهينجا المسلمين، رغم أن رئيسة وزرائها أونج سان سوشى اعتبرت، دائماً، رمزاً للنضال في سبيل الحريات والحقوق، بل ومُنحت جائزة نوبل للسلام.. أيضاً!
والواقع أن الحكومة والجيش ظلا يستهدفان جميع الروهينجا، في ولاية راكين أو غيرها، حيث صُفّي الآلاف بدم بارد، ولجأ 700 ألف إلى بنجلاديش، فراراً من القمع والاضطهاد اللذين تتجاوز ممارستهما الجيش والشرطة إلى عامة البوذيين، أيضاً، بتشجيع من السلطة!
مع ذلك احتاجت سوشي، «بطلة» حقوق الإنسان المزعومة، لأن «تلفت نظرها» الأمم المتحدة، والكثير من دول العالم، وكياناته المدنية، خصوصاً «مبادرة نساء نوبل» التي أنشأتها، منذ العام 2006م، ست ممن سبق أن فزن بها، وتنبهها إلى أن ما يجري في ميانمار «تطهير عرقي» ما يزال مستمراً، حسب أندرو جيلمور، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وإن تغيرت طبيعته من الإغراق بالدماء، والاغتصاب الجماعي، إلى حملة زيد بن رعد الحسين، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، اشتبه في ارتكاب عسكريي ميانمار «إبادة جماعية» بحق الروهينجا. واتفقت معه يانجي لي، مقررة الأمم المتحدة الخاصة لحقوق الإنسان، قائلة، في تقرير إلى «مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية»، إن أدلتها متزايدة على ارتكاب هذه «الإبادة الجماعية». وأضافت أنها تزداد ميلاً للرأي بأن «الأحداث تحمل سمات الإبادة الجماعية»، داعية «لمحاسبة القيادة التي لم تفعل شيئاً لوقف أو إدانة هذه الأفعال». وفى كلمته أمام «المجلس»، في السابع من مارس الجاري، وصف الحسين إزالة الدولة لمقابر جماعية بالجرافات بأنها «محاولة متعمدة لتدمير الأدلة على جرائم دولية محتملة قد تشمل جرائم ضد الإنسانية».
من ثم، دعا الحسين، في التاسع من مارس الجاري، لإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية (آي سي سي)، قائلاً للصحفيين: «أجل.. نقول إن هناك شكوكاً قوية في أن أعمال إبادة جماعية ربما ارتكبت، ولكن لا يمكن أن يؤكد ذلك سوى محكمة جنائية، ولن يدهشني، مطلقاً، أن تخلص محكمة، في المستقبل، لهذه النتيجة».
أما ثاونج تون، مستشار الأمن القومي لميانمار، فقد قلل من حيثيات قرار الحسين، نافياً أن تكون هذه الأحداث جرت في راكين. وقال، مستخفاً، إن بلاده ترغب في الاطّلاع على دليل دامغ على «التطهير العرقي» أو «الإبادة الجماعية»! وعقب الحسين عليه قائلاً: «سلطات ميانمار تنكر الحقيقة مراراً.. أما الإشارة إلى أن راكين لم تشهد أحداثاً خطيرة.. فأمر غير معقول وسخيف»!.
من جهة القانون الجنائي الدولي، تأسس قرار الحسين، إجرائياً، على سلطة مجلس الأمن في إحالة الملف إلى (الآي سي سي)، بموجب المادة/13/ب، من (نظام روما لسنة 1998م)، مقروءة، بطبيعة الحال، مع سلطته العامة بموجب الفصل السابع من (ميثاق الأمم المتحدة). أما موضوعياً فقد تأسس القرار على اختصاص (الآي سي سي) بالجرائم «الأشد.. خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره»، وتحديداً جريمة «الإبادة الجماعية»، و«الجرائم ضد الإنسانية»، وفق نص المادة/5 من (النظام)، حيث تعرف المادة/6، «الإبادة الجماعية» بأنها «أي فعل يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية.. إهلاكاً كلياً أو جزئياً»، ويشمل ذلك قتل أفرادها، أو إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بهم، أو إخضاع الجماعة، عمداً، لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً.. الخ. كما تعرف المادة/7 منه «الجرائم ضد الإنسانية» بأنها أي فعل يرتكب «في إطار هجوم واسع النطاق، أو منهجي، موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين»، عملاً بسياسة الدولة، أو تعزيزاً لها، ويشمل ذلك الإبادة، أو التعذيب، أو القتل العمد، أو الفصل العنصري، أو الإخفاء القسري للأشخاص..الخ.

kgizouli@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى