ميركل تتنفس الصعداء
فيصل عابدون
نتائج انتخابات الحزب الاشتراكي الديمقراطي التي جاءت لصالح المشاركة في الحكومة الائتلافية، أنقذت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من كارثة محققة في نهاية مسيرتها السياسية، وأنقذت الحزب الاشتراكي نفسه من خطر تراجع مواقعه على الخريطة السياسية الألمانية لحساب التيار الشعبوي المتحفز. وأنقذت نتائج التصويت ألمانيا نفسها من الغموض المهدد للاستقرار السياسي والاقتصادي والذي ألقى بظلاله على دول القارة بأكملها.
لقد وافق الاشتراكيون على الدخول في الحكومة بعد أسابيع طويلة من المداولات الشاقة وبعد حصولهم على مكاسب كبيرة، وكان رفضهم التحالف يعني نهاية عصر المستشارة والتمهيد لحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة قد تطيح بالمكاسب الحالية لحزب ميركل والحزب الاشتراكي لصالح اندفاعة يمينية تعزز قوة «حزب البديل» المتطرف في البرلمان، وهو ما قد يصيب الحياة السياسية بالشلل وتنعكس تداعياته مباشرة على مستوى النمو الاقتصادي ويضعف الدور الألماني القيادي في الاتحاد الأوروبي، ويعطل مشاريع الكتلة الأوروبية في فترة حرجة تشهد تعقيدات كبيرة في مقدمتها أزمة البريكست وانعكاساتها المستقبلية.
وأعلن الحزب الاشتراكي أن نسبة التصويت بين الأعضاء بلغت 78.39 في المئة من إجمالي أعضاء الحزب وأن نحو 240 ألفاً من الأعضاء صوتوا ب«نعم» لصالح الائتلاف الحكومي مقابل 123.329 عضواً رفضوا النسخة الجديدة من الائتلاف. ويمنح اتفاق اقتسام السلطة الاشتراكيين ست حقائب وزارية في الحكومة الجديدة بينها الوزارات الثلاث المهمة وهي الخارجية والمالية ووزارة العمل. وتسببت هذه القسمة في تذمر وانتقادات قيادات في حزب ميركل المسيحي الديمقراطي. كما تعرض الحزب الاشتراكي لانتقادات شديدة من داخل صفوف الحزب ومن قيادات «حزب البديل» الشعبوي الذين انتظروا انهيار محادثات التحالف والدعوة لانتخابات جديدة تدعم حظوظهم على حساب الخصوم.
كثيرون تنفسوا الصعداء بعد إعلان نتائج التصويت وفي مقدمتهم المستشارة ميركل بعدما أصبح انتخابها في ال14 من الشهر الجاري أمراً واقعاً. واعتبر وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل أن قرار أعضاء الحزب الاشتراكي كان «عيداً للديمقراطية الحزبية». وتحدثت وزيرة الدفاع ازولا عن عالم بات يصعب التنبؤ به. وطالبت الحكومة الجديدة بمباشرة قضايا مستقبلية مهمة بشكل سريع. من جانبه اتهم «حزب البديل» الحزب الاشتراكي الديمقراطي بإعاقة الانتقال لمرحلة جديدة في ألمانيا من خلال تصويته لصالح المشاركة في الحكومة.
ومن باريس اعتبر الرئيس الفرنسي الحليف الاستراتيجي لبرلين أن نبأ موافقة الاشتراكيين على دخول نسخة جديدة من الائتلاف مع ميركل «سار لأوروبا». كما رحبت المفوضية الأوروبية بقرار الاشتراكيين تمهيد الطريق لتشكيل حكومة ذات أغلبية برلمانية في ألمانيا وكتب مفوض شؤون الاقتصاد بيير موسكوفيجي في تغريدة يقول: «الآن تستطيع ألمانيا أن تعمل من أجل تقوية القارة».
Shiraz982003@yahoo.com