مقالات عامة

ميركل.. تحديات الداخل والخارج

صادق ناشر

إعادة انتخاب أنجيلا ميركل مستشارة لألمانيا للمرة الرابعة من قبل مجلس النواب، وبضمنها رئاستها للحكومة الجديدة بعد أشهر من المفاوضات الشاقة، منحتها أفضلية نسبية في البقاء بدائرة الأحداث في بلادها، خاصة بعد أن كانت على وشك أن تفقد الكثير من الفرص للحفاظ على النجاحات التي تحققت خلال السنوات القليلة الماضية، والتي جعلتها واحدة من النساء اللواتي تصدين للكثير من التحديات التي واجهت ألمانيا بشكل خاص، وأوروبا بشكل عام.
خلال الفترة التي أعقبت الانتخابات البرلمانية، التي أوصلت بعض الأحزاب اليمينية إلى الواجهة، منها حزب «البديل من أجل ألمانيا»، بدا أن ميركل بدأت تخسر الكثير من الشعبية التي كانت تتمتع بها، على الرغم من أن وسائل إعلام ألمانية وغربية كانت تمنحها قبل الانتخابات أفضلية في أوساط الشارع الألماني؛ لما تمثله من قيم جسدتها طوال ولاياتها الثلاث السابقة، حتى إنها شكلت انطباعاً لدى قطاع واسع من الألمان وغيرهم، بأنها صارت بمثابة الضامن لاستقرار البلاد، خاصة الدور المهم الذي لعبته وتلعبه في أوروبا، حيث تشكل مع فرنسا جناحي أوروبا الموحدة.
لكن ما يقلق ميركل بعد المشاورات التي بدأتها بعد الانتخابات، والتشاور مع الأحزاب المختلفة التي حصلت على نسب أعلى في البرلمان، والتوافق على تشكيل الحكومة، أمران رئيسيان هما: الأمن والاقتصاد. فتحت هذين العاملين خاضت ميركل الانتخابات الأخيرة أملاً في كسب ثقة الشارع الألماني؛ إذ إنها تدرك أن أوروبا كلها صارت قلقة من اتساع رقعة الإرهاب وتراجع الاقتصاد، وما لم تتم معالجة جادة لهما، ستغرق ألمانيا في دوامة من الأزمات الاقتصادية والسياسية، مثلما هو الوضع في دول أخرى، وربما يدفعها هذا إلى التخلي عن قيادة أوروبا، كما هو دورها اليوم.
كانت ميركل تدرك أن النجاح في محاربة الإرهاب، سينعكس على ازدهار الاقتصاد، وازدهار الاقتصاد ستكون له تأثيراته في تثبيت الأمن، الذي لايزال في حده الطبيعي في الوقت الحاضر، لكنه يمكن أن يتضرر في حال لم تقدم السلطات على محاصرة آثاره وتداعياته، سواء في ألمانيا نفسها، أو في أوروبا، لذلك ترمي ميركل بكل ثقلها على معالجة هذين الملفين؛ لأن النجاح فيهما سيحول ألمانيا إلى دولة أكثر قوة، وسيعطيها دفعة أكبر لتتشارك مع فرنسا في قيادة أوروبا، خاصة في ظل غياب بريطانيا، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
تقر ميركل أن التحدي الكبير الذي سيواجهها في المستقبل، يتمثل في مواجهة خطط الأحزاب المعارضة لها، خاصة حزب «البديل من أجل ألمانيا»، الذي يتخذ سياسة تخالف توجهات تحالف ميركل، حيث يعارض الحزب خطط استيعاب المهاجرين، والخشية من أن يعزز اليمين مكاسبه انطلاقاً من ألمانيا فتخسر ليس ألمانيا فحسب، بل وأوروبا كلها، وهو ما تتحسب له ميركل وحلفاؤها في أوروبا، ومن بينهم فرنسا.
لذلك تبدو التحديات المقبلة أمام ميركل ثقيلة، قياساً بالوضع القائم اليوم، خاصة منذ تشكلت الخريطة السياسية، التي وضعتها في موقف أضعف من الذي كانت عليه قبل الانتخابات الأخيرة.

Sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى