هجوم ماتشيراتا

صادق ناشر
داهمت إيطاليا قبل أيام مخاوف من عودة ظاهرة الفكر السياسي المتطرف، بعدما عثرت الشرطة على نسخة من كتاب هتلر المعروف «كفاحي»، إضافة إلى كتاب تاريخ حول بنيتو موسوليني في منزل لوكا تريني، الذي وجهت إليه تهمة إطلاق النار في وسط البلاد السبت الماضي، في حادث حمل طابعاً عنصرياً، حيث تشير الشرطة إلى أن لوكا تريني، البالغ من العمر 28 عاماً أفرغ مخزنين لمسدس نصف آلي على مهاجرين في أحد شوارع مدينة ماتشيراتا، وينتمون إلى دول إفريقية عدة.
المنشورات اليمينية القومية، التي عثرت الشرطة عليها في غرفة الشاب في منزل والدته الذي قامت بتفتيشه أثارت فزع إيطاليا والأجهزة الأمنية فيها، لأنها تشير إلى تفاقم ظاهرة العداء للأجانب والتعاطي معهم بطريقة عنصرية، فالشرطة تذكر في تحقيقاتها أن الشاب لديه «خلفية يمينية متطرفة وصلات واضحة بالفاشية والنازية»، وأن العنصر الوحيد الذي يشترك فيه الضحايا هو لون بشرتهم، وتخلص الشرطة إلى أنه من الواضح أن المهاجم الشاب ارتكب الجريمة بدافع كراهية الأجانب.
واستغل العديد من السياسيين اليمينيين في إيطاليا الحادثة التي لحقها هجوم آخر بإطلاق النار على امرأة ورجل أسودين، للترويج للأفكار اليمينية والمتطرفة التي تبدو أنها عادت إلى الساحة الأوروبية بشكل قوي خلال السنوات القليلة الماضية، ما يمكن الإشارة إلى أنها بدأت تحقق بعض المكاسب، خاصة وأن الهجوم على الأجانب المهاجرين الذين يصلون إلى السواحل الإيطالية قادمين من إفريقيا بدأ يتصاعد ليس فقط في إيطاليا، بل وفي مختلف المدن الأوروبية.
تجاهد إيطاليا، حالها حال العديد من الدول الأوروبية لمنع تقدم الفكر اليميني المتطرف بين أوساط الشباب، لكن من الواضح أن هذا الفكر يحظى بتأييد بعض الأحزاب السياسية والشخصيات العامة ذات التأثير، التي تحاول استغلال مظاهر عدم رضا قطاع واسع من المجتمعات الأوروبية من الهجرات غير المشروعة التي تتدفق إلى أوروبا من دول إفريقية وعربية عدة.
ويمكن فهم ذلك من تصريحات ماتيو سالفيني رئيس حزب الرابطة، الذي قال إن العنف السائد في بعض المناطق الإيطالية هو نتيجة مباشرة لتدفق المهاجرين على إيطاليا في السنوات الأخيرة، واستغل الحادث للهجوم على الحكومة، التي يدخل معها في خصومة سياسية، عندما أشار إلى أنه «إن كان أحد يستحق اللوم فهي الحكومة التي سمحت لمئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين بدخول البلاد دون أي قيود»، في إشارة إلى موجة الهجرات المتدفقة إلى البلاد عبر ليبيا، لكن سياسيين آخرين رأوا أن تصريحات سالفيني تثير مشاعر خطيرة في بلد يسعى جاهداً للتخلص من إرث الدكتاتور الفاشي موسوليني الذي حكم إيطاليا من 1922 إلى 1943.
يحاول اليسار التصدي لموجة الكراهية في إيطاليا، لأنه يدرك أنه سيكون من السهل إثارة الجدل حول من يغذون مشاعر الكراهية ضد الأجانب والمهاجرين كل يوم لكن هذا سيكون خطأ، لأن إيطاليا وأوروبا ستكون ضحية هذا الخطاب الذي صار يتنامى مع مرور كل يوم.
sadeqnasher8@gmail.com